8. تعطيل الثقة بالمشاهدة الحسية: إن ما يشاهده المرء لا يفسره الفكر السائد دوما على ظاهره. ولعل أدق مثل على هذا إيمان ذلك الفكر بأن الله هو خالق أفعالنا. فالمشاهدة الذاتية الوجدانية، وهي أكثر المشاهدات شدة وقوة، تفيد أن الإنسان هو موجد فعله باستقلال. في حين أن الثقافة السائدة تملي عليه أن لا يثق بهذه المشاهدة، وأن ينفيها ويقر بأن الفعل مخلوق من غيره، وأن ذلك الشعور بالحرية المطلقة إنما هو مجرد شعور لا واقع له. وأما الواقع فهو أن الله هو خالق وفاعل جميع ما يصدر عنه. مثال آخر يتعلق بالحسد، حيث أن المشاهدة تنفي وجود أي ارتباط بين العين وبين الواقع المادي من حولنا، في حين أننا نخالف ذلك معولين على نصوص لم تبلغ من القوة درجة يمكن الاعتماد عليها. 9. تشويه مفهوم الوعيد: حيث أن العاصي والظالم المتمرد يمكن أن يدخل الجنة برحمة الله تعالى حتى لو لم يتب، ومات مصرا غير نادم على جرائمه ومظالمه ومعاصيه.
10. تشويه مفهوم القيادة السياسية: حيث صار يمكن للظالم العاتي الجبار أن يكسب الشرعية ووجوب الطاعة والولاية إذا ما وضع يده على مقاليد الحكم. ثم يتحول السلطان من خادم لمصالح الأمة، يتولى أمورها لها، إلى حاكم يطاع لذاته ولمنصبه بقطع النظر عن ممارسته. وهذا الأمر قد ينتج أمرا آخر ذا أهمية، وهو أن المنصب يصير سبب استحقاق الولاء، فكل من جلس على الكرسي وجب له ذلك، بدلا من أن تكون الكفاءة والعمل هما سبب استحقاق الولاء ومن ثم المنصب.
صفحة ٤١