11. تغير دور الفرد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: من المفاهيم التي كان لها أثر على العلاقات الاجتماعية هو الفهم حول دور الفرد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ففي حين أن الدور هذا يجب أن يمارس أساسا بشكل رأسي بين الفرد والدولة، وبشكل ثانوي بين الأفراد في نطاقات محدودة، فإنه صار يمارس حصرا بشكل أفقي بين أفراد المجتمع. وهذه الممارسة الأفقية غير مجدية في أغلب الأحوال. فالأمر والنهي بين الأنداد مستصعب، وإن وقع فإنه يخلق شعورا بالمرارة وبالتعدي، كما أنه يفتت المجتمع، ويحوله إلى جيوب من المؤمنين الآمرين، وأخرى من الفاسقين المنهيين. في حين أن الأصل أن يكون نحو الدولة لإصلاحها إذا ما فسدت، ثم تقوم هي بواجبها على الأفراد، وهو أمر لا يجد الناس منه غضاضة، حتى وإن كان غير محبوب لديهم.
12. اختلاط الأوليات: لقد اعتبرت قضية الدولة فرعية، في حين أنها القضية العملية الكبرى في حياة الإنسان، وجعلت هي ومئات من الأحكام الفقهية بمستوى واحد، فصارت القضايا الفردية تحتل الأهمية نفسها للقضايا الاجتماعية، وصار المتدين يغار ويسخط لما يرى مخالفات ذات سمة فردية شخصية، أكثر مما يسخط لما يرى أو يسمع بمخالفات تطال الشأن العام. مثال ذلك رد فعل أغلب المتدينين عند رؤية امرأة سافرة عن شعرها، أو كاشفة لبعض جسدها، مقابل ردود أفعالهم من منظر طفل يمد يده للناس. تلك بعض عناصر بارزة أصبحت ضمن الثقافة اليومية للمسلمين، ولها آثار سلبية على واقعهم. وأي رؤية كونية فيها نحو هذه العناصر لا شك وأنها ستفرز لنا عناصر ثقافية سلبية أخرى سياسيا، واجتماعيا، واقتصاديا، وعلينا أن نستكشفها، ونستخرجها، ونحلل أثرها، وكيفية معالجتها.
صفحة ٤٢