7. اهتزاز الثقة بالله: إن الله تعالى في الفكر السائد قد يعذب من لا ذنب له. وقد يمكر بالعبد في آخر حياته فيزله بعد طول صلاح ليدخله النار. ومن يطع الله لا يحق له أن يقول: إنه سيدخل الجنة قطعا ما دام مطيعا، وإنما هو على الرجاء حتى لو مات مطيعا. والله تعالى يأمر وينهى ويمدح ويذم عبادا لا فعل لهم ولا عمل على الحقيقة، ذلك أن الله هو خالق أفعالهم، ومقدر جميع أعمالهم. ويجوز أن يدخل الله تعالى الجنة من لم يطع الله لحظة، وأن يدخل النار أصلح عباده. إن نحو تلك الأمور تفقد العبد ثقته بالله تعالى. فمع كل ما وعد الله وأوعد يبقى الإنسان قلقا مضطربا، غير واثق من مآل الأمور. ويصير المرء عابدا لإله تفقد معه كل المعايير الأخلاقية التي من خلالها يؤسس الإنسان علاقاته بالغير. إنه إله لا يمكن للعباد أن يثقوا بمآل أمورهم في ظله. إضافة إلى هذا الأثر الخطير، فإن الثقة بين الناس تفقد. فإذا كنا لا نثق بمآل أمورنا مع الله، وهو أحكم الحاكمين، وأصدق الصادقين، بعدما أوعد ووعد، فكيف نثق بمن دونه من الخلق مهما وعدوا وأوعدوا؟
صفحة ٤٠