أحدهما: أنه دليل عليه، ومن حق الدليل أن يتقدم على المدلول عليه؛ لأنا متى أردنا أن نستدل على أنه تعالى لا يفعل القبيح.
قلنا: إنه عالم بقبح القبائح، وغني عنها، ومسألة غني وعالم من مسائل التوحيد.
الوجه الثاني: أن التوحيد كلام في ذات الباري تعالى ومعرفة صفاته، والعدل كلام في أفعاله، ولا يحسن أن نتكلم في الفعل مالم يعرف الذات[19أ]، وقدم العدل على الوعد الوعيد لوجهين:
أحدهما: أنه طريق إليه، وطريق الشيء تتقدمه، لأنا متى أردنا أن نستدل على أنه تعالى يفى بوعده ولا يخلف وعيده.
قلنا: إنه لو لم يف لانكشف لنا أنه كذب، والكذب قبيح، والله تعالى لا يفعل القبيح، ومسألة نفي القبيح عن الله تعالى من مسائل العدل.
الوجه الثاني: أن العدل كلام في أفعال الله، والوعد والوعيد كلام في أحكام أفعاله، ولا يحسن أن نتكلم في أحكام الفعل ما لم نعرف الفعل.
وأما الموضع الثالث: وهو في الكلام على أن كل واحد منها فنبدأ بالنظر المؤدي إلى معرفة الله تعالى، وهذه الجملة تشتمل على ثلاثة فصول:
أحدها: بيان معاني هذه الألفاظ التي هي الواجب والمكلف والمؤدي والمعرفة.
وثانيها: بيان أن النظر واجب.
وثالثها: بيان أنه أول الواجبات، والكلام من هذه الفصول يقع في موضعين:
أحدهما: في ترتيبها.
والثاني: في الكلام على كل وحد منها.
صفحة ٣٣