257

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

تصانيف

وأما الأصل الثاني: وهو أن الحواس لا تجوز على الله تعالى، فالذي يدل على ذلك أن حقيقة الحاسة هي نقص الحي الذي يصح الإدراك بها، وقد قيل: هي الآلة التي تدرك بها المدركات وهو تعالى ليس بذي أبعاض، ولا آلات، فلا تجوز عليه الحواس، وإذا لم تجوز عليه الحاسة فلم تجوز عليه الآفة.

وأما الأصل الثاني: وهو أن كل من كان حيا لا آفة به فهو سميع بصير، فالذي يدل على ذلك أنه لا معنى للسميع البصير إلا الحي الذي لا آفة به، ولهذا فإن الحي منا كان متى كان حيا لا آفة به كان سميعا بصيرا، وصح وصفه بأنه سميع بصير، وقد ثبت أن الله تعالى حي لا آفة به فيجب أن يكون سميعا بصيرا، أن يوصف بذلك، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:

أحدهما: أن الواحد منا متى كان حيا لا آفة به كان سميعا بصيرا، وصح وصفه بذلك.

والثاني: أنه قد ثبت أنه تعالى حي لا آفة به، فيجب أن يكون سميعا بصيرا، وأن يوصف بذلك.

أما الأصل الأول: فالذي يدل عليه أن أهل اللغة متى علموه حيا لا آفة به وصفوه بأنه سميع بصير، وإن جهلو كل أمر، ومتى علموا أنه ليس بحي، أو هو حي وبه آفة لم يصفوه بأنه سميع بصير، وإن علموا كل أمر ولو كان السميع البصير صفة زائدة على ما ذكرنا كما روي عن أبي هاشم لصح أن يعلم كونه سميعا وإن لم يعلم كونه حيا لا آفة به، أو أن يعلم كونه حيا لا آفة به، وإن لمي علم كونه سميعا بصيرا، وكذلك يصح ثبوت أحدهما مع انتفاء الآخر فيكون حيا لا آفة به، وإن لم يكن سميعا بصيرا، أو يثبت كونه سميعا بصيرا مع انتفاء كونه حيا لا آفة به، فإن هذا الواجب في كل أمرين متغايرين لا علاقة بينهما، فثبت الأصل الأول.

صفحة ٢٦١