256

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

تصانيف

وأما وصفه بأنه سامع مبصر، فاتفق الجمهور أن له بذلك صفة زائدة على كونه عالما بالمسموعات والمبصرات، وذهب أبو الحسين وابن الملاحمي إلا أن المرجع له إلى تعلقه بالمسموعات والمبصرات، والخلاف في ذلك مع البغداديين فإنهم ذهبوا إلى أنه ليس بأمر زائد، وإنما المرجع إلى العلم بالمسموعات ومن المبصرات لا غير، واختلف الذين اتفقوا على أنه أمر زائد في كيفية استحقاقه على ثلاثة أقوال:

فذهب الجمهور العدلية والمعتزلة إلى أن ذلك الأمر مقتضيا عن كونه حيا في الغائب والشاهد.

وعند الأشعرية: أنه مدرك لمعنى في الشاهد والغائب.

وعند أبي علي: أنه المعنى في الشاهد، وهو الإدراك ومقتضى في الغائب عن كونه حيا.

وأما الموضع الثالث: وهو في الدليل على أن الله تعالى سميع بصير فالذي يدل على ذلك أنه حي لا آفة به، وكل من كان حيا لا آفة به فهو سميع بصير، والدلالة مبنية على أصلين:

أحدهما: أنه حي لا آفة به.

والثاني: أن كل من كان حيا لا آفة به فهو سميع بصير.

أما أنه حي فقد تقدم بيانه، وأما أنه لا آفة به؛ فلأن الآفات لا تجوز إلا على الحواس، والحواس لا تجوز على الله تعالى، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:

أحدهما: أن الآفات لا تجوز إلا على الحواس.

والثاني: أن الحواس لا تجوز على الله تعالى.

أما الأصل الأول: وهو أن الآفات لا تجوز إلا على الحواس، فالذي يدل على ذلك أنه لا يجوز أن تثبت بأحد اللفظين، وتنفى بالآخر، فلا يجوز أن يقال: فسدت حاسته وما به آفة، أو به آفة وما فسدت حاسته، بل يعد من قال ذلك مناقضا لكلامه، جاريا مجرى من يقول به آفة وما به آفة، أو فسدت حاسته وما فسدت.

صفحة ٢٦٠