[21]
فعلت ذلك فاسلخ جلودهم من قرونهم إلى أقدامهم.
قال: فعملت بوصيته، فجبيتها ثمانية عشر ألف ألف درهم.
ولما هزم يزيد بن المهلب، وهو يتقلد خراسان من قبل الحجاج، عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث، عند محاربته إياه، أمر يحيى بن يعمر العدواني، وكان يكتب له الرسائل، أن يكتب إلى الحجاج بالفتح، فكتب يحيى بن يعمر: إنا لقينا العدو، فمنحنا الله أكتافهم، فقتلنا طائفة، وأسرنا طائفة، ولحقت طائفة برءوس الجبال، وعرائر الأودية، وأهضام الغيطان، وأثناء الأنهار، فبتنا بعرعرة الجبل، وبات العدو بحضيضه فقال الحجاج: من يكتب ليزيد بن المهلب؟ فقيل له: يحيى بن يعمر فكتب إلى يزيد يأمره بحمله إليه على البريد، فقدم إليه، فرأى أفصح إنسان. فقال له: أين ولدت؟ قال: بالأهواز، فقال: من أين هذه الفصاحة؟ فقال: حفظت كلام أبي، وكان فصيحا، فقال له الحجاج: أخبرني هل يلحن بن سعيد؟ قال: نعم، كثيرا، قال: ففلان؟ قال: نعم، قال: فأخبرني عني، هل ألحن؟ قال: لا، أنت أفصح الناس، قال: لتخبرني، قال: إنك تلحن لحنا خفيا، تزيد حرفا أو تنقص حرفا، وتجعل إن في موضع أن، قال: قد أجلتك ثلاثا، فإن وجدتك بعد ثلاثة بالعراق قتلتك. فرجع إلى خراسان.
وقال الحجاج يوما لبعض كتابه: ما يقول الناس في؟ فاستعفاه، فلم يعفه. قال: يقولون: إنك ظلوم، غشوم، قتال، عسوف، كذاب. قال: كل ما قالوا فقد صدقوا فيه، إلا الكذب، فو الله ما كذبت منذ علمت أن الكذب يشين أهله!
صفحة ٣٢