عليها من قبل معاوية استقبل بولايته شهر ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين، وجعل إليه الصلاة والخراج جميعا، وكانت مصر جعلت له طعمة بعد عطاء جندها النفقة على مصلحتها، فجعل عمرو على شرطته خارجة بن حذافة بن غانم العدوي، ثم خرج عمرو للحكومة واستخلف على مصر ابنه عبد الله بن عمرو، ويقال: استخلف خارجة بن حذافة، ورجع عمرو إلى مصر فأقام بها وتعاقد بنو ملجم عبد الرحمن، وقيس ويزيد على قتل علي، ومعاوية، وعمرو، وتواعدوا لليلة من شهر رمضان سنة أربعين، فمضى كل واحد منهم إلى صاحبه، وكان يزيد هو صاحب عمرو وعرضت لعمرو تلك الليلة علة منعته من حضور المسجد فصلى خارجة بالناس، فشد عليه يزيد فضربه حتى قتله، فدخل به على عمرو، فقال له: أنا والله ما أردت غيرك يا عمرو.
قال عمرو: ولكن الله أراد خارجة.
فجعل عمرو على شرطته بعد مقتل خارجة زكريا بن جهم بن قيس العبدري، وعقد عمرو بن العاص لشريك بن سمي الغطيفي على غزو لواتة من البربر، فغزاهم شريك في سنة أربعين، فصالحهم ثم انتقضوا بعد ذلك على عمرو بن العاص، فبعث إليهم عقبة بن نافع بن عبد القيس الفهري في سنة إحدى وأربعين، فغزاهم.
فحدثني علي بن قديد، عن عبيد الله بن سعيد بن عفير، عن أبيه، عن ابن لهيعة، عن هبيرة، قال: " كانت لواتة قد صولحوا، فكانوا على صولحوا حتى نقضوا زمن معاوية، فغزاهم عقبة بن نافع، فتنحوا ناحية أطرابلس، فقاتلهم عقبة حتى هزمهم، فسألوه أن يصالحهم ويعاهدهم، فأبى عليهم، وقال: " إنه ليس لمشرك عهد عندنا، إن الله عز وجل يقول في كتابه: {كيف يكون للمشركين عهد} [التوبة: 7] ، ولكن أبايعكم على أنكم توفوني وذابتي إن شئنا أقررنا وإن شئنا بعناكم «.
وعقد عمرو لعقبة بن نافع على غزو هوارة، ولشريك بن سمي على غزو لبدة، فغزواهما في سنة ثلاث وأربعين، فقفلا، وعمرو شديد الدنف في مرض موته»
صفحة ٢٧