فلما رأى ذلك شيعة عثمان، قاموا وعقدوا لمعاوية بن حديج عليهم وبايعوه، فكان أول من بايع على الطلب بدم عثمان وفيهم يحيى بن يعمر الرعيني، ثم العبلي، فسار بهم معاوية بن حديج إلى الصعيد، فبعث إليهم بن أبي حذيفة خيلا، فالتقوا بدقناش من كورة البهنسي، فهزم أصحاب ابن أبي حذيفة، ومضى معاوية بن حديج حتى بلغ برقة، ثم رجع إلى الإسكندرية، ثم إن ابن أبي حذيفة أمر بجيش آخر عليهم قيس بن حرمل اللخمي وفيهم ابن الجثما البلوي، فاقتتلوا بخربتا أول يوم من شهر رمضان سنة ست وثلاثين، فقتل قيس بن حرمل، وابن جثما وأصحابهما، وسار معاوية بن أبي سفيان إلى مصر، فنزل سلمنت من كورة عين شمس في شوال سنة ست وثلاثين، فخرج إليه ابن أبي حذيفة، وأهل مصر ليمنعوا معاوية وأصحابه أن يدخلوها، فبعث إليه معاوية: إنا لا نريد قتال أحد إنما جئنا نسأل القود بدم عثمان، ادفعوا إلينا قاتليه عبد الرحمن بن عديس، وكنانة بن بشر، وهما رأسا القوم.
فامتنع ابن أبي حذيفة، وقال: لو طلبت منا جديا رطب السرة بعثمان ما دفعناه إليك.
فقال معاوية بن أبي سفيان لابن أبي حذيفة: اجعل بيننا وبينكم رهنا فلا يكون بيننا وبينكم حرب.
فقال ابن أبي حذيفة: فإني أرضى بذلك.
فاستخلف ابن أبي حذيفة على مصر الحكم بن الصلت بن مخزمة بن المطلب بن عبد مناف، وخرج في الرهن هو، وابن عديس، وكنانة بن بشر، وأبو شمس بن أبرهة الصباح، وغيرهم من قتلة عثمان، فلما بلغوا لد سجنهم معاوية بها وسار إلى دمشق فهربوا من السجن، إلا أبو شمس بن أبرهة، فقال: لا أدخله أسيرا وأخرج منه آبقا.
وتبعهم صاحب فلسطين فقتلهم، فأتبع عبد الرحمن بن عديس رجل من الفرس، فقال له عبد الرحمن: اتق الله في دمي فإني بايعت النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة.
فقال له: الشجر في الصحراء كثير.
وقتله "
وأخبرني ابن قديد، عن يحيى بن عثمان بن صالح، عن ابن عفير، عن الليث، قال: قال محمد بن أبي حذيفة في الليلة التي قتل في صباحها: هذه الليلة التي قتل في صباحها عثمان، فإن يكن القصاص لعثمان، فسنقتل في غد ".
فقتل في الغد، وكان قتل: ابن أبي حذيفة، وابن عديس، وكنانة بن بشر، ومن كان معهم في الرهن في ذي الحجة سنة ست وثلاثين
صفحة ١٨