16
حيث يعالج هذه الإشكالية معالجة هامة بالنسبة للاهوت وللاشتراكية وللفلسفة الوجودية على السواء.
والتقابل معروف بين الاشتراكية بنزعتها الجمعية التي تجعل الفرد يضيع في غمار الطبقة؛ وبين الوجودية بنزعتها الفردية، ولكن تيليش فيلسوف على الحدود، فيقول: «علينا ألا نخلط أحبولة انعدام المساواة
Riddle of Inequality ، مع واقعة أن كل فرد منا ذات فريدة لا تقارن. كوننا ذواتا ينتمي بالقطع لكرامتنا كبشر. هذه الكينونة منحت لنا، ولا بد أن نعملها ونكثفها، ولا نجعلها تغرق في المستنقع الآسن الذي يهددنا كثيرا هذه الأيام. لا بد أن يزود المرء عن كل فردانية، وعن تفرد كل ذات إنسانية، ولكن لا ينبغي أن ينخدع باعتقاد أن هذا هو حل لأحبولة انعدام المساواة؛ ولسوء الحظ ثمت الرجعيون الذين يروجون لهذا الخلط كي يبرروا الظلم الاجتماعي.»
17
وتمثل الاشتراكية الخلاص الوحيد من الظلم الاجتماعي، الخلاص المتكامل المتوازن؛ لأنها دينية - صوب الثيونومي. آمن تيليش بأنه بعد الوحي السماوي لا يوجد ما هو أسمى وأعظم من الاشتراكية الدينية، وكان على يقين دائما من أن اللحظة التاريخية لتحققها قد تأتي، ولم يفقد أبدا إيمانه بها، على الرغم من أنها لم تتحقق ولم تأت لحظتها التاريخية، بل أتت النازية إلى مقاعد الحكم في ألمانيا.
18
وإيمان تيليش بالحرية جعله يجاهر بنقد قاس وعنيف لهتلر، وبعدائه للنازية، فأبعد عن العمل في الجامعات ليكون أول أكاديمي غير يهودي تستبعده النازية من العمل في الجامعة. وفي صيف عام 1933م تصادف أن كان بألمانيا الألماني المهاجر إلى أمريكا راينهولد نيبور، الذي قام بترجمة بعض أعمال تيليش المبكرة من الألمانية إلى الإنجليزية، وهو يتفق معه في الاشتراكية الدينية، ويختلف في اللاهوت الحضاري. التقى نيبور بتيليش وأتاح له فرصة الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ففعل «وسفره لأمريكا وثق علاقته بحركة علم نفس الأعماق
Depth-Psychology
التي اهتم بها من منطلق اهتمامه بالعلاقة بين الدين والتحليل والعلاج النفسي.»
صفحة غير معروفة