كتابة الحديث النبوي في عهد النبي ﷺ بين النهي والإذن
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
الاتكال على الكتاب؛ لأن ذلك يؤدي إلى اضطراب الحفظ حتى يكاد يبطل، وإذا عدم الكتاب قوي لذلك الحفظ الذي يصحب الإنسان في كل مكان" (١) .
يؤيد ذلك التعليل أن بعض الصحابة كانوا يكتبون ثم يمحون ما كتبوا (٢)، ولولم يكن النهي عن الكتابة مستقرًا عندهم لما كتبوا ابتداء.
خامسًا: الحرج في الكتابة:
لقد اهتم الصحابة بكتابة القرآن الكريم، وكانت الوسائل الكتابية بدائية وغير ميسرة منها: رقاق الحجارة والعظام وسعف النخل وجلود الحيوانات، وكانت الأحاديث النبوية أكثر من أن يحصوها؛ وذلك أن النبي ﷺ آتاه الله العلم والحكمة والنبوة فكان له في كل حادثة قول، وفي كل مسألة جواب، وفي كثير من الوحي تفسير وبيان، استمر ذلك النور النبوي ثلاثًا وعشرين سنة بين أظهر الصحابة رضوان الله عليهم. فأنى لهم الوسائل الكتابية، ومن أين لهم الوقت الكافي لتدوين حديثه كله تدوينًا كاملا، وليسوا مضطرين أن يعتمدوا على الكتابة، وقد منحهم الله ﷾ حافظة في صدورهم تعوض لهم ما فاتهم من الكتابة تدوينا وتقييدا؟ ولم يرد النبي ﷺ أن يشق عليهم فيأمرهم بكتابة السنة، وإنما اكتفى بكتابة القرآن الكريم (٣) .
_________
(١) تقييد العلم ٥٨، وانظر المحدث الفاصل بين الراوي والواعي ٣٧٧.
(٢) الإلماع ١٤٩.
(٣) معالم السنة النبوية ٧٣.
1 / 33