مع الامام أبي إسحاق الشاطبي في مباحث من علوم القرآن الكريم وتفسيره
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة ٣٤ العدد ١١٥
تصانيف
تَقول وَتَدْعُو إِلَيْهِ لحسن لَو تخبرنا ألنا لما عَملنَا كَفَّارَة، فَنزلت١.
فَهَذَا موطن خوف يخَاف مِنْهُ الْقنُوط، فجيء فِيهِ بالترجية غالبة، وَمثل ذَلِك الْآيَة الْأُخْرَى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ ٢ وَانْظُر فِي سَببهَا فِي التِّرْمِذِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَغَيرهمَا.
وَلما كَانَ جَانب الْإِخْلَال من الْعباد أغلب كَانَ جَانب التخويف أغلب، وَذَلِكَ فِي مظانه الْخَاصَّة، لَا على الْإِطْلَاق؛ فَإِنَّهُ إِذا لم يكن هُنَالك مظنَّة هَذَا، وَلَا هَذَا أَتَى الْأَمر معتدلًا"٣.
ثمَّ أورد أَبُو إِسْحَاق اعتراضا على مَا قَرَّرَهُ سَابِقًا فَقَالَ: "فَإِن قيل: هَذَا لَا يطرد فقد ينْفَرد أحد الْأَمريْنِ فَلَا يُؤْتى مَعَه بِالْآخرِ، فَيَأْتِي التخويف من غير ترجية، وَبِالْعَكْسِ، أَلا ترى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ ٤ إِلَى آخرهَا فَإِنَّهَا كلهَا تخويف، وَقَوله: ﴿كَلا إِنَّ الأِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ ٥إِلَى آخر السُّورَة، وَقَوله: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾ ٦إِلَى آخر السُّورَة ... وَفِي الطّرف الآخر قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ ٧ إِلَى آخرهَا،
_________
١ - أخرجه الإِمَام البُخَارِيّ فِي صَحِيحه - مَعَ الْفَتْح - (٨/٥٤٩)، كتاب التَّفْسِير، بَاب
﴿يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله ...﴾ ح (٤٨١٠) .
٢ - سُورَة هود، الْآيَة: ١١٤.
٣ - الموافقات (٤/١٧٠ - ١٧٢) .
٤ - سُورَة الْهمزَة، الْآيَة: ١.
٥ - سُورَة العلق، الْآيَة: ٦، ٧.
٦ - سُورَة الْفِيل، الْآيَة: ١.
٧ - سُورَة الضُّحَى، الْآيَة: ١، ٢.
1 / 50