وإذا قد نجز هذا فلنرجع إلى ما نحن بصدده، فنقول: إنه لما كان الأمر كما أسلفنا، ومن الله علينا بهذه الطريق الحسنى، وكانت عامة في جميع العلوم من طرق شتى قد ذكرها مولانا أيده الله تعالى، اتجه أن يذكر شطرا من تلك الطرق، وهي طريق الحاكم عبد العزيز بن محمد بن يحيى بهران رحمه الله تعالى؛ لأنا ظفرنا بطرقه مرقومة بخطه وخط غيره من العلماء الذين حصل له من قبلهم الطرق ، وإن كان سائر العلوم الدينية، قد ذكر الإمام المهدي لدين الله أنه يجوز الأخذ فيها بما صنفه العالم وإن لم يحصل تلك الطرق.
قال الفقيه يحيى بن محمد بن حميد في كتاب ( الشموس والأقمار) ما لفظه: وقد تكون الوجادة أبلغ حالة من الإجازة، لا سيما حيث كان في الكتاب أثر التصحيح والضبط والعناية من أهل المعرفة، وقد يقول المحقق تم قراءة وتصحيحا وضبطا على كذا، فإن هذه النسخة التي هذا حالها أبلغ من أن يقول أجزت لفلان كتاب كذا ولذلك الكتاب نسخ عديدة لا يتميز صحيحها عن سقيمها، وقد ذكر الإمام المهدي -عليه السلام- في (المنهاج شرح المعيار) ما معناه: أنه يجوز الأخذ بما صنفه العالم وإن لم يحصل تلك الطرق؛ لأنه لايعمل ذلك الكتاب ويضعه إلا وقد أراد الأخذ بما فيه، والعمل به، بل لا مراد له سواه، لكن إنما يجوز في النقليات بشرط أن يكون ذلك الكتاب قد ضبطت ألفاظه على تلك الصفة حتى لا يتردد في المراد.
صفحة ١٠٤