وقال -عليه السلام-: ((إنما أنا رحمة مهداة))، وقد قال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، فقد بين صلى الله عليه وآله وسلم أن حديثه وسنته هدى، وأن لا ضلالة على من تمسك به، وإنما معنى قول سفيان رضي الله عنه: الحديث هدى إلا لمن لا يفقهه ويروم إحالته عن حقيقته ويتأوله بغير علم على ما لا يصح ولا يليق به بوجه، فهو لهذا مضلة، فهذا معنى لفظه، والمقصود من اللفظ: المعنى وهو روحه وسره، وحين أطلق سفيان هذا اللفظ ما منعه من تقييد، والله أعلم، إلا أنه قد علم أنه لا يلتبس على أحد ممن يسمعه إلا أحد من الرعاع الذين لا مبالاة بهم ولا بأمثالهم، ولا يتوهم ذو علم وفهم أنه يعني أن حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبيل إلى الضلال، ولا أن التمسك به ضلال، فإن اعتقاد هذا بإجماع ضلال.
نعم ويحتمل أن يريد حين لم يرد في اللفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يريد أن الحديث من أحاديث الناس، أو مما يروون من الموضوعات والإسرائليات، وأحاديث من قبلنا ممن لا يوافق حكمة الله ولا سنة رسوله مما يروي غير الثقات من الأحاديث الموضوعة والمغيرة عن وجهها فمثل هذا إذا تعلق به الجاهل، لم يؤمن عليه الضلال، وإنما يميزه ويفصل الحقيقة فيه أهل الفقه والعلم، العالمون بكتاب الله، وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من السنة.
صفحة ١٠٠