116

============================================================

المضلة، وإرتكاب العظائم من مذاهب القدرية والمرجية والرافضة والجهمية والحرورية فقد حاربوا(1) وتعادوا وتباغضوا، وشهد بعضهم على بعض بالكفر والضلال، واستحلوا دماء المخالفين لأهوائهم . وقد كانوا من قبل ذلك إخوانا على أمر الله تعالى متفقين، فلما بلوا بالبحث والتعمق صاروا أصنافا، وإحتج كل قوم بمتشابه القرآن، وبالاثار التي توافق أهوامهم، فضلوا وأضلوا بذلك كثيرا (2).

الرسول يحذر من الخلاف : وقد بلغنا أن رسول الله ة وضع يده على لحية عمر رضي الله عنه ثم قال: يا عمر، إنا لله وإنا إليه راجعون فقال عمر: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إنا لله وإتا إليه راجعون . فيماذا؟ قال: إن جبريل عليه السلام أتاني آنفا فقال : يا محمد، إنا لله وإنا إليه راجعون، إن إمتك مفتونون بعدك بقليل غير كثير. قلت: يا جبريل فتنة ضلال أم فتنة كفر؟ قال : كل ذلك سيكون، قلت : وكيف يضلون أو يكفرون وأنا مخلف بين آظهرهم كتاب الله عز وجل؟

قال: بكتاب الله يضلون، يتاوله كل قوم على ما يشتهون، وبه يضلون.

وجوب الاشتغال بما أجمع عليه الأثمة : الا فراقبوا الله، وذروا التعمق والبحث عما اختلفوا فيه ناس كثير، يتفرع من الكلام فنون تدق حتى يحتار فيها اللبيب العالم . فما ظنكم بأمثالنا المنقوصين عقلا وعلما (1) في الأصل : فحاربوا.

(2) وأساس ذلك كله التاويل . والتاويل إن كان لظاهر اللفظ مع إقامة المعنى فلا حرج فيه. أما التاويل باسقاط ظاهر اللفظ وباطن المعنى فذلك زندقة وكفر كتاويل الصلاة بالتوجه إلى الله واسقاط الحركات، وتأويل الصوم بعدم القاء العلم لمن لم يستعدله، وتأويل الجنة بإباحة الزنا وغير ذلك من فظائع الباطنية

صفحة ١١٦