تحذير أهل الأيمان عن الحكم بغير ما أنزل الرحمن
الناشر
الجامعة الإسلامية
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٧هـ
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
حتى انهزموا والمسلمون على آثارهم، يقتلونهم قتلا ذريعا فلما فشلوا وتنازعوا فقال بعضهم قد انهزم المشركون، فما موقفنا ههنا، وقال بعضهم: لا نخالف أمر رسول الله ﷺ، فثبت مكانه عبد الله بن جبير أمير الرماة في نفر دون العشرة ونفر ينهبون أعقابهم، كر عند ذلك المشركون على الرماة وقتلوا عبد الله بن جبير ﵁ وأقبلوا على المسلمين وحالت الريح دبورا وكانت صبًا حتى هزموا وقتل من قتل. وذلك كله بشؤم مخالفة بعضهم أمر رسول الله ﷺ وعصيانهم له.
وذلك معنى قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ﴾ .
وألا ترى أن أهل المدينة كانوا في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أهل الدنيا والآخرة لتمسكهم بطاعة الرسول ﷺ ثم تغيروا بعض التغير فقتل عثمان، وخرجت الخلافة خلافة النبوة من عندهم وصاروا رعية لغيرهم، ثم تغيروا بعض التغير فجرى عليهم عام الحرة من النهب والقتل وغير ذلك من المصايب ما لم يجر عليهم قبل ذلك. والذي فعل بهم ذلك وإن كان ظالما متعديا فليس هو أظلم ممن فعل بالنبي ﷺ وأصحابه ما فعل.
وقد قال الله تعالى: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾ .
وكذلك الشام كان أهله في أول الإسلام في سعادة الدنيا والدين ثم جرت فتن وخرج الملك من أيديهم ثم تسلط عليهم المنافقون الملاحدة
1 / 29