============================================================
43 الوحيد في سلوك أهل التوحيد وأما الغيبة والنميمة فما هما داخلان في الورع بل هما داخلان في المحرمات التي تحب التوبه منها، فهذا كله يندرج في التوبة إذ لا يصح أن يتوب من بعض ولا يتوب من بعض، ولاأن يكون طائعا عاصيا في زمن واچد.
والورع بورث الزهد كما أن الخشية تورث المراقبة.
الراق والمراقبة حالة تختص جميع كلية العبد بين يدى ربه ك بجملة قلبه وجوارحه، فلا يبقى فيه ذرة إلا وهي قائمة شاخصة خاضعة، لا تتحرك منه الشعرة، ولا يطبق الجفن على الجفن من مراقبته لربه تعالى، كأن السيف مشهور على رأسه، والجبل هابط عليه، والسموات والأرض قد اجتمعت عليه وهو بينهما.
وأخبرني الشيخ أبو العباس الملثم، رحمه الله تعالى، أنه رأى ذلك، وذلك أن المراقبة نتيحة الهيبة، والهيبة نتيجة العظمة.
فسبحان من تفود بالعظمة والكبرياء و تعالى عن الأمثال والأشباه والنظراء، وتقتس عن النواب والحجاب والوزراء، وحيث انتهت العقول إلى عظمته وكبريائه فهو أعظم، وأكبر من ذلك، وحيث سرى بك كشفك واطلاعك إلى شيء من معرفته فلست هنالك وحدك فمن المعرفة العجز عن المعرفة، وأنت عن معرفة العجز عاجز، وبينك وبين ذلك حاز: والمراقبة من المقامات العلية إذا تحقق المراقب بالكمال واستولى عليه سلطان جلال الجمال يضمحلك وجوده إلى أن يتجلى عليه جمال الجلال فيكون بين جمال الجلال وجلال الجمال مبهوتا لا يطرف طرفة عين كآن رقيبا منك يرعى جوارحي وآخر يرعى خاطري ولساني فما خطرت في باطنت القلب خطرة لغيرك إلا قلث قد سمعايي وأخبرني ابن العربي في كتابه: "ا مدينة العارفين أنه رأى فيها ملكا واقفا بين يدى الله تعالى مطرقا إلى الأرض طرفه على موضع قدمه لا يتحرك منه شعرة، وهو هكذا
صفحة ٣٣