واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول

محمد عناني ت. 1443 هجري
129

واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول

تصانيف

4

ولكن شهور الصيف سرعان ما انقضت دون أن أنتهي من ذلك العمل، وكنت أدرك كل يوم مدى التحول في كل شيء حولي؛ فلم يكد شهر سبتمبر يأتي بأجواء الخريف حتى اختلف وجه الطبيعة، وتغيرت ألوان أوراق الشجر، وبدأت الرياح تعصف أحيانا بلا مطر، وإن كانت الأمطار تسقط بلا نمط ولا نظام من أي نوع، وكنت أحس في كل يوم بذلك التغيير، وأفهم منه مدى انشغال الإنجليز بالطبيعة، بل وبدأت أفهم الشعر الذي أقرؤه فهما جديدا؛ فالإنجليزي يحب الطبيعة حبا مشبوبا، وهو دائم التفكير في حديقة منزله وزهور شجيراته، والمجلات التي تعالج موضوعات «البستنة»

horticulture (أي غرس أشجار البساتين المثمرة والمزهرة ورعايتها) كثيرة لا حصر لها، وأحاديث طلاب الدراسات العليا وأعضاء هيئة التدريس في غرفتنا (

The Common Room ) كثيرا ما تدور حول أنواع الأزهار والثمار التي يزرعونها في حدائق بيوتهم، وبدأت أفهم أيضا سر ميل الشعراء إلى تحديد أنواع الأزهار في أشعارهم؛ فالأزهار جزء من الثقافة الإنجليزية، ورعايتها جزء لا يتجزأ من تفكير الإنجليز بل ومن اللغة الإنجليزية نفسها، ووجدتني رغم أنفي أتعلم التمييز بين الزنبقة

Tulip

والأقحوانة

Daisy ، وبين القرنفلة

carnation

والبنفسجة

Violet ، وبين أنواع الورود، ثم أقف حائرا عند عشرات أسماء الأزهار التي لم أكن أعرف لها مقابلا بالعربية، واجتهدت حتى أصبحت أعرف ال

صفحة غير معروفة