...وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال أنا أكرم على كل كريم يتركني في قبري بعد ثلاث فظهر بذلك وأمثاله تعذر القطع بإقامتهم في قبورهم أحياء واستمرارهم فيها كما كانوا قبل وفاتهم.
والجواب عن الأحاديث المتقدمة أن يقال: أما حديث رد الروح فيتعذر إجراؤه على ظاهره لما يلزم عليه من المحذور وحينئذ فلا يتعين ما تقدم من التأويل، يجوز أن يكون المراد إلا رد الله علي إذ ذاك روحي للتسليم، وأما حديث صلاة موسى عليه الصلاة السلام في قبره فلا يدل على استمرار إقامته فيه كيف وقد صح في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم رآه ليلة المعراج في السماء السادسة وكذا غيره من الأنبياء فتعين التوفيق فيجوز أن يقال: أنهم صلاة الله عليهم مع كونهم في السماء قد ينتقلون إلى غيرها ولا يمكن في ذلك استمرارهم في القبور أحياء.
...قلت: مقتضى قوله على أن نعتقد أنهم أحياء عند ربهم إلى آخره، أن يسلم الحياة المذكورة وقد قال بعد ذلك: وأما إثبات حياة مغايرة لهذه الحياة المعهودة التي لابد لصاحبها في مطرد العادة البشرية من التعدي ولوازمه فليس محل النزاع.
فهو إنما يخالف في القول باستمرارهم أحياء في قبورهم كحياتهم في الدنيا ويعتقدوا أنهم ليسوا في قبورهم فيقال: لقد ذكرت أن هذه المسألة لا يكتفي فيها بالظنيات.
صفحة ١٢٤