وسيكون القمر ثاني كوكب يدركه الفناء - بعد ذلك الكوكب الذي أسلفنا ذكره - في المجموعة الشمسية.
والقمر - بالرغم من أنه ليس أقدم من أمه «الأرض» - سيلقى حتفه قبلها، والسبب في ذلك أنه أصغر منها حجما؛ وهو لهذا أسرع منها إلى البرودة، سرعة تتناسب مع صغر حجمه عنها.
قال الدكتور: وإن الإنسان ليستطيع الآن أن يشاهد من خلال «التليسكوب» فجوات واسعة بادية على سطح القمر. (5) آخرة المريخ ...!
أما انفجار المريخ فسيسبق انفجار الأرض، وإنما كانت آخرة هذا الكوكب قبل آخرة عالمنا الأرضي ؛ لبعده عن الشمس، وما ينشأ عن هذا البعد من قلة النصيب الذي يناله من حرارتها، وليست هذه القنوات البادية على سطح المريخ - كما يظن الدكتور - إلا شقوقا وصدوعا عظيمة حدثت فوق سطحه وفق هذه النظرية المقررة. (6) آخرة العالم الأرضي ...!
أما الأرض فلا خوف عليها، ولن تبيد قبل أن يمر عليها ملايين من السنين. قال الدكتور: «وإن سطح الأرض - كما نراه الآن - على أحسن ما يرام، وحرارتها الداخلية بالغة من الاتقاد والشدة أوفى الغايات، وأكفلها بالصون من أن تباد مدة عصور طويلة وآباد عديدة، وليست الزلازل في رأيي علامة منذرة بقرب فناء الأرض؛ فهي صدوع محلية بسيطة لا خطر لها، وليس كذلك ما نرويه من انصداع الأرض، فإن تلك التي نتحدث عنها هي انشقاقات متغلغلة في أعماق الأرض، وكم من تصدعات يصل عمقها ألف ميل لا يكون وجودها محتما وملزما إبادة هذا الكوكب! وغاية ما تدل عليه أمثال هذه الشروخ أن تكون نذيرا من نذر الرعب لمن تحدث في زمنهم من الناس، على أنها - في حقيقة أمرها - ليست إلا رسلا تنبئ الناس بما يتهدد الأرض من بوار بعد ملايين قليلة من السنين!» (7) آخرة الشمس
قال الدكتور:
ولن تشذ الشمس أيضا عن هذه القاعدة، فسيلحقها العدم وتجري عليها أحكامه - كما جرت على سواها - يوما ما، وإن تأخر ذلك ترليونات من الأعوام، والعلم أن الشمس تفقد من حرارتها في كل ثانية من الثواني «4000000» أربعة ملايين طنا من كتلتها النارية؛ بسبب ما يشع من حرارتها في الفضاء، وهذا القدر الذي تفقده - بالغا ما بلغ من العظم الهائل في نظرنا - ليس شيئا مذكورا إذا قسناه إلى حجم الشمس الذي لا يتأثر تأثيرا يذكر بما يفقده من الحرارة - عن طريق الإشعاع - في مليون من السنين. (8) دراسة الأجرام الفلكية الصغيرة
وقد تكبد الباحثون ألوانا من العناء والتعب في دراسة هذه القطع المتناثرة، وفحص هذه الأجرام الصغيرة والنيازك التي يتعسر، بل يتعذر رؤيتها بالعين المجردة؛ نظرا لبعدها وصغر أحجامها، ومن هنا يعلم القارئ مقدار ما بذله الدكتور «ألتر » من الجهد العلمي في تتبع سيرها، ودرس نظمها، حتى وصل إلى هذه النتائج الحديثة التي أفاد بها علماء الفلك ووسع بها دائرة معارفهم، ولقد كان العلماء حتى أوائل القرن الماضي - التاسع عشر - لا يعرفون شيئا عن عالم هذه الأجرام الصغيرة - «النجيمات» - ولا يدرون بوجودها، وأول ما اكتشف منها هو «نجيم سيرس» في سنة 1801 بفضل العلامة الفلكي «كبلر»، وهو - على أنه أكبر هذه الفصيلة - لا تكاد تراه العين المجردة؛ إذ يبدو للناظرين في مثل دقة رأس الدبوس إذا نظرت من بعد ميل، أما قطر هذا «النجيم» فيبلغ 840 ميلا؛ أي أقل من المسافة التي بين «نيويورك» «وكليفلاند»، وتقدر زنته بنسبة واحد إلى ثمانية آلاف من ثقل الأرض.
وقد ذكروا «نجيمات» أخرى أصغر من هذه، اكتشفوها حديثا، لا نحسبها تعني القراء كثيرا، ومما ذكروه «نجيم إيروس» الذي يبلغ قطره خمسة عشر ميلا، وهو يقترب من الأرض أكثر من أي جرم آخر، وأحدث اقتراب له كان على بعد «13840000» ميلا؛ أي أكبر بقليل من نصف المسافة إلي كوكب «فينيس»، وهو مع ذلك القرب يبعد عن الأرض بمسافة يحتاج قطعها ثلاث سنوات بسرعة خمسمائة ميل في الساعة، وقد زار هذا الكوكب عالمنا الأرضي في عام «1804» عقب أن تكشفه العلماء، وزارها مرة أخرى في عام «1901»، وحينذاك توفر العلماء الفلكيون على درسه ومراقبته بدقة وانتباه، وسيزورنا مرة ثالثة فيما بين عامي «1930-1931»، فلا يزيد بعده عن الأرض أكثر من «16200000» ميلا؛ أي نحو سدس المسافة إلى الشمس.
ولم يقتنع العلماء الآن بهذه الدراسات؛ فتألفت منهم جماعة من أساطين الفلكيين، وشرعوا في إعداد معدات أدق وأجدى من تلك؛ لاستيعاب الأحجام الفلكية، وقياس المسافات بغاية من الدقة والضبط، ومن هذه الأجرام التي يدرسونها الآن ما وصل قطره إلى ثلاثة أميال، أما ما يقل جرمه عن هذا القدر، فمن المحال رؤيته حتى بأدق أنواع التلسكوب، وإن كان من المحقق أن في الفضاء عددا كبيرا من هذه الفصيلة الصغيرة، وإن لم نره، ولكن حب العلم لا يقف عن حد، وقد قيل: «منهومان لا يشبعان : طالب علم وطالب مال.» لذلك لم يقف العلماء عند هذا القدر - وهو عظيم - فشرعت جامعة «كانساس» تعد «تلسكوبا» حديثا يصنع تحت إرشاد «الدكتور ألتر» سيتم عمله آخر هذا العام خصيصا لدرس الأجرام الصغيرة. (9) كلمة ختامية
صفحة غير معروفة