قال: «إني لأعجز عن تسجيع جملتين اثنتين في يوم واحد.»
قلت: «وما شأن هذا بالخطابة؟»
قال: «وكيف تكون خطابة بلا سجع؟»
قلت: «بل كيف يكون سجع وخطابة؟»
قال: «أمرك عجيب!»
قلت: «أمرك أعجب!»
قال: «دع المزاح جانبا وخذ في الجد»
قلت: «إني لا أمزح؛ إلا إذا كنت تسمي الصدق مزاحا، إنك تتصور الخطابة تصورا فاسدا خاطئا، وهذا التصور وحده هو علة عجزك عن القيام بها، إن الوعظ أيسر مما تظن بكثير.
إن كل أمر بالمعروف، وكل نهي عن المنكر؛ هو وعظ له قيمته وخطره فإذا سرت في الطريق ورأيت حادثا من الحوادث - خيرا كان أو شرا - فقصصته على سامعيك مثنيا على جانب الخير منددا بالجانب المرذول حاثا الناس على الاقتداء بالأول محذرا إياهم من الوقوع في الثاني، فقد أحسنت، وأجدت، وكنت الخطيب المفوه، والواعظ المرشد الأمين.
وبهذا تكون قد قدمت للناس أمثلة يقتدون بها، وأمثلة يحذرون الوقوع فيها، ووعظتهم بما حدث لسواهم من خير وشر. «والسعيد من وعظ بغيره والشقي من وعظ بنفسه.»
صفحة غير معروفة