وا محمداه إن شانئك هو الأبتر
الناشر
دار العفاني
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾ [الأنعام: ١٢٥] ".
والذي يشهدُ له القرآن أنَّ الشَّرْح هو الانشراحُ والارتياحُ، وهذه حالةُ نتيجةِ استقرارِ الإيمانِ والمعرفةِ والنورِ والحكمة، كما في قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [الزمر: ٢٢]، بيان لشرح الصدر للإِسلام.
كما أنَّ ضِيقَ الصدر دليلٌ على الضلال، ﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ [الأنعام: ١٢٥].
° وفي حاشية الشيخ "زادة" على "البيضاوي" قال: "لم يُشرحْ صَدْرُ أحدٍ من العالمين، كما شُرح صدره ﵇، حتى وَسع علومَ الأوَّلين والآخرين، فقال: "أوتيتُ جوامعَ الكَلِم" .. " اهـ.
ومرادُه بعلوم الأوَّلين والآخرين، ما جاء في القرآن من أخبارِ الأمم الماضية مع رُسلهم وأخبارِ المعاد، وما بينه وبين ذلك ممَّا علَّمه الله تعالى.
° "والذي يظهرُ -والله تعالى أعلم-: أن شرح الصدر المُمْتَنَّ به عليه ﷺ، أوسعُ وأعمُّ من ذلك، حتى إنه لَيشملُ صَبْره وصَفْحَه وعَفْوَه عن أعدائه، ومقابلتَه الإساءةَ بالإِحسان، حتى إنه ليَسَعُ العدوَّ، كما يسعُ الصديق، كقصه عودته من "ثقيف": إذْ آذوه سفهاؤهم، حتى ضاق مَلَكُ الجبال بفِعلهم، وقال له جبريل ﵇: "إن مَلَكَ الجبال معي، إن أردت أن يُطبِقَ عليهم الأخْشَبَينِ فَعَل"، فينشرحُ صدره إلى ما هو أبعد من ذلك، ولكأنهم لم يُسيؤوا إليه، فيقول ﷺ: "اللهم اهْد قومي فإنهم لا يعلمون، إني لأرجو أن يُخرجَ اللهُ من أصلابهم من يقول: لا إله إلا الله
1 / 48