94

غرضه ؛ إذ لولاه لبين ولو ببيان مستقل ، وحيث ما بين نكشف عن كون متعلق الطلب تمام ما يحصل به غرضه.

نعم الفرق بين المورد وسائر الموارد أن فيها بعد تمامية مقدمات الحكمة نحكم بإطلاق متعلق الطلب ، وفيه نحكم بإطلاق الغرض والأمر سهل ، ويمكن أن يستظهر من الأمر التوصلية من دون احتياج إلى مقدمات الحكمة بوجه آخر اعتمد عليه سيد مشايخنا طاب ثراه وهو أن الهيئة عرفا تدل على أن متعلقها تمام المقصود ؛ إذ لو لا ذلك لكان الأمر توطئة وتمهيدا لغرض آخر وهو خلاف ظاهر الأمر.

وأما الثاني فلأنه بعد إتيان ذات الفعل لا يعقل بقاء الأمر الأول ؛ لما عرفت سابقا من استلزامه لطلب الحاصل فلا يعقل الشك في سقوط هذا الأمر ، نعم يحتمل وجود أمر آخر من جهة احتمال بقاء الغرض وظاهر أن هذا شك في ثبوت أمر آخر والأصل عدمه ، فعلم أن المقام مما يحكم العقل بالبراءة وإن قلنا بالاشتغال في دوران الأمر بين المطلق والمقيد.

ولو سلمنا كون الشك في سقوط الأمر الأول نقول : إن هذا الشك ينشأ من الشك في ثبوت الغرض الأخص ، وحينئذ نقول في تقريب جريان أصالة البراءة أن اقتضاء الأمر أن ذات الفعل متيقن ، وأما الزائد عليه فلا نعلم ، فلو عاقبنا المولى من جهة عدم مراعاة الخصوصية المشكوكة اعتبارها في الغرض مع الجهل به وعدم إقامة دليل يدل عليه مع أن إتيانه كان وظيفة له ، لكان هذا العقاب من دون إقامة بيان وحجة ، وهو قبيح بحكم العقل، ولو كان الشك في السقوط كافيا في حكم العقل بالاشتغال للزم الحكم به في دوران الأمر بين المطلق والمقيد مطلقا ؛ ضرورة أنه بعد إتيان الطبيعة في ضمن غير الخصوصية التي نحتمل اعتبارها في المطلوب نشك في سقوط الأمر وعدمه.

هذا تمام الكلام فيما لو قلنا بأن العبادات يعتبر فيها قصد إطاعة الأمر ، ويمكن أن يقال : إن المعتبر فيها ليس إلا وقوع الفعل على وجه يوجب القرب عند المولى وهذا لا يتوقف على الأمر.

صفحة ٩٧