ملاحظتان مهمتان
وأحب أن أختم هذه المقدمة بملاحظتين مهمتين:
الملاحظة الأولى: إن تمسكنا بالإسلام وتعلمنا له ومحافظتنا عليه، ليست من حيث كونه "ديننا"، فالدين لا ننظر إليه كموقف سياسي أو اجتماعي. الدين ليس هوية قومية تميزنا عن غيرنا من الأقوام، وليس تراثا نعتز ونفتخر به في المكتبات والجامعات، بل هو موقف أمام الله تعالى. نعم، لا شك أن الدين بعد الاعتقاد به يؤثر في هويتنا، بل قد يشكل هويتنا في كل مجالات الحياة، إلا أن اهتمامنا به، أساسا، ينبغي أن يكون لأنه موقف نسأل عنه أمام الله تعالى يوم الحساب. فعندما يتعلم أحدنا لغته القومية، أو يحافظ عليها، أو يتمسك بها، فهو يقوم بكل ذلك لأنها جزء من كيانه القومي والسياسي والاجتماعي، من حيث أنها تشكل هوية مميزة له؛ فيحافظ عليها ويتمسك بها، خوفا من ضياع هويته المميزة، وبالتالي فقدان قيمته السياسية أو الاجتماعية. ومثل ذلك التاريخ القومي لأمة ما. أما الدين فهو ليس لغة وليس تاريخا؛ ولا نحافظ ولا نتمسك به خوفا من فوات مصلحة في هذه الحياة الدنيا، بل خوفا من فوات مصلحة اليوم الآخر. إن كوننا مسلمين في النسب والانتماء الحضاري ليس دافعنا لتعلم أمور هذا الدين ، بل كوننا نبحث عن ما يصلح وقوفنا أمام الله تعالى هو الدافع. وبنحو هذا المنطق، ننظر إلى دفاعنا وجهادنا في سبيل الإسلام؛ فنحن لا ندافع عن الإسلام لأنه فكرة "نحن" نعتقد صحتها، بل ندافع عنه لأنه دين الله تعالى، والله تعالى هو كل شيء في حياتنا.
صفحة ٩