2. سيكون العقل المعيار في فهم النصوص، وذلك من حيث أن العقل يصل إلى معرفة صححية لله قبل النص، وبالتالي يمكن له أن يحدد المعنى المراد من النص إذا كان للنص معان متعددة. فكل صفة نقرأها في القرآن الكريم من صفات الله تعالى يجب أن ينظر إليها من خلال الأصول العقلية لمعرفة الله تعالى. وهذا الأمر من أهم ما نريده من اعتمادنا العقل، نريد أن يتناول المسلم الآيات عن الله، بل المفاهيم العقائدية كلها، تناول الناقد المتأمل المتفكر، لا تناول الببغاء التي لا تعي ما تسمعه، ولا تعقل ما تردده.
القضايا الأصولية التي تبنى على العقل
قلت إن القضايا الأساسية في بحوث معرفة الله تعالى ستبنى على العقل؛ وهذه عبارة تحتاج إلى توضيح المقصود من القضايا الأساسية.
إن قضايا أصول الدين على ثلاث أنواع:
منها ما لا يمكن معرفته إلا بالعقل ولا يصح اعتماد النص فيها.
منها ما يمكن معرفته بالعقل ويصح اعتماد النص فيه.
منها ما لا يمكن معرفته إلا بالنص.
فالقضايا الأولى: نحو معرفة أن الله تعالى موجود، وأنه خالقنا، وأنه قادر عالم حي، وأنه تعالى غني، وأنه لا أول لوجوده، وأنه تعالى ليس بجسم؛ وأنه تعالى لا يكذب، ولا يظلم، ولا يعبث.
فهذه لا يمكن معرفتها إلا بالعقل. ولا يصح معرفتها بالنص، لأن ثبوت النص، وصدقه يعتمد على معرفة سابقة بهذه القضايا.
والقضايا الثانية: نحو قولنا: إنه تعالى لا يرى، وإنه تعالى واحد، ونحو الإيمان بضرورة البعث، فهذه يمكن لنا أن نعتمد على النص في معرفتها، لأن بعد الاقرار بقدرة الله، وعلمه، وصدقه، يمكن لنا أن نصدق القرآن في أنه تعالى واحد، وفي أنه تعالى لا يرى، وفي أنه تعالى سيبعث الناس بعد الموت للحساب.
صفحة ٤٣