أيضا لو نظرنا إلى قوله تعالى { وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا } (مريم: 87-92) ففي هذه الآية أوضح دلالة على قدرة العقل على أن يدرك صفات الله تعالى. فالله تعالى إذ لامهم على القول بالولد لله تعالى، هل أنكر عليهم تكذيبهم للنبي؟ أم أنه أنكر عليهم القول بأمر لا تقره عقولهم؟ والله تعالى إذ قال وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا؛ هل معناها أنه لم يصح بالخبر الصحيح أن لله ولد؟ أم أن معناها أن الله تعالى يستحيل عليه أن يكون له ولد؟ وإذا كان معناها كذلك؛ فهل يعقل أن يلومهم الله على قولهم بالولد، بهذا اللوم والحال أنهم لا يدركون بعقولهم استحالة الولد لله؟
أما الاعتبار الثاني فسأرجئه إلى الجزء الثاني، حيث أتناول مسألة تعيين الحجة الدينية بعد النبي صلوات الله عليه وعلى آله.
وقد سعى بعض أصحاب المنهج الثاني، وهم الأشاعرة والماتريدية، إلى التأكيد على أن معرفة الله تعالى ممكنة عقلا؛ ولكن الحقيقة هي أنهم كيفوا العقل مع النص، ولم يصدقوا أنفسهم ولا الآخرين بدعوى حجية العقل، فكان خطأهم أشد من خطأ من رفض العقل أصلا.
أما منهج هذا البحث، فهو المنهج الأول بلا شك، واعتماده سيكون من خلال كل من ما يلي:
1. ستبنى القضايا الأساسية في بحوث معرفة الله تعالى على أدلة عقلية .
صفحة ٤٢