حسب المنهج الثاني؛ لو أثبت النص شريكا لله تعالى فإنه سيقبله لأن دوره دور المتلقي لا غير. حسب المنهج الأول لو أثبت النص شريكا لله تعالى لنفى صحته، لأن دوره دور المثار المتفكر.
في المنهج الأول يكون العقل مستكشفا لكمالات الله، ويكون النص كاشفا لتلك الكمالات، ويتعاونا معا من خلال عملية الكشف والاستكشاف. في المنهج الثاني يكون النص هو الكاشف عن الواقع، ويكون العقل متلقيا لهذا الواقع، بغير أن يكون له دور في استكشافه.
صفات الله تعالى في المنهج الثاني تؤخذ من النص(1)، وصفات الله تعالى في المنهج الأول يكون مصدرها ما ندركه من كمالات الله تعالى، والكاشف عنه النص والعقل معا؛ إلا أن السابق في ذلك هو العقل: زمنيا لأن العقل قبل النص، ورتبة(2) لأن النص أي نص لا يفهم إلا من خلال الإستناد إلى فهم مسبق للواقع. وفيما يتعلق بالعلم بالله فهذا الفهم المسبق ليس مصدره إلا العقل كما ذكرت.
والحق هو المنهج الأول وذلك لاعتبارين أحدهما يعتمد على الحجة العقلية، والآخر على الحجة الشرعية.
الاعتبار الأول يقوم على أمور؛ أهمها وأوضحها أنه تعالى احتج علينا بحجج لو لم يكن للعقل قدرة على فهمها لم يكن لإيرادها معنى. فجميع الآيات التي احتج الله تعالى بها على الكفار دليل على أن الانسان يمكنه أن يصل إلى معرفة الله تعالى بنفسه؛ لأن الحجة لا تتم عليهم إلا إذا كان في مقدورهم معرفة صدق ما يدعيه الرسول بعقولهم، ولا يمكن معرفة صدق ما يدعيه الرسول بعقولهم، إلا إذا كان بمقدورهم معرفة الله تعالى ومعرفة صفاته.
صفحة ٤١