إذن، نحن إنما نثبت لله تعالى صفات، نحو: إنه تعالى قادر، وعالم، وحي...وقد أرشدنا القرآن الكريم إلى ذلك في قوله تعالى { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } (الشورى:11) فبين لنا أن الله ليس كمثله شيء، فلا يمكن التفكر فيه، لأن العقل إنما يتصور وينال ما يقع تحت مداركه؛ ولكن يمكن لنا أن نثبت له الصفة، وذلك قوله { السميع البصير } .
والحقيقة التي تظهر من كتبهم أن ليس لهم غرض من هذا الكلام إلا منع الكلام في ما ينفى عنه تعالى. ذلك أننا قلنا إن معرفة الله نسبة الكمال لله، وتنزيهه عن النقص. فدعواهم الرئيسية أن لا يمكن لنا أن ننزه الله عن النقص بعقولنا، فلا يجوز حسب دعواهم أن نقول: إن الله تعالى لا يمكن أن يكون له عينان، ولا يمكن أن يكون له جنب، ولا يمكن أن يكون له يدان، ولا يمكن أن يكون له ساق واحدة. كما لا يجوز حسب دعواهم أن ننفي عن الله إنه جسم، أو أن ننفي أنه تعالى يتمثل في شكل معبودات خلقه...
ففتلك هي الأمور التي ننفيها عن الله جل جلاله؛ وتلك هي التي يثبتونها، ويحاربون، ويضللون، من نفاها ونزه الله عنها.
دعوى كون علوم التوحيد غير معلومة أيام الصحابة
أيضا من دعاويهم: إن ما هو موجود في كتب التوحيد لم يعرفه الصحابة.
وهذه دعوى غير صحيحة، لأن ما لم يكن موجودا هو المصطلحات. أما المعاني التي تبينه تلك المصطلحات، فهو موجود في القرآن. ولا ضرر على المسلمين أن يفصلوا ما يعرفونه، أو يصطلحوا اصطلاحات مبتدعة من عندهم(1).
صفحة ٣٠