وأنه لا يوجد إله قادر على كل شيء إلا الله.
وأن الله تعالى لا يحتاج إلينا، ولا يحتاج إلى أن ينعم علينا.
وبعد معرفة أنه هو المنعم، فلا بد من الاقرار بذلك، وتعظيمه تعالى ليتحقق شكرنا. ولا يمكن تعظيمه كما يستحق إلا بعد معرفته؛ إذ إن الله تعالى يستحق أعلى مراتب التعظيم، ولا يدرك أحد أن الله تعالى يستحق أعلى مراتب التعظيم، إلا إذا عرفه، وعرف أن كل ما بنا من نعم فهي منه وحده. ثم لا يمكن لأحد أن يعظمه بعد معرفة استحقاقه للتعظيم إلا من عرفه تفصيلا.
فمعنى تعظيم الله فهو أن نشعر قلوبنا بأن الله تعالى أعظم من كل شيء، ونبقى نشعر قلوبنا بهذا حتى يمتلئ القلب بهذا الاعتقاد. ونحن إذ نشعر قلوبنا بهذا، إنما نقوم بذلك لأن موجبات التعظيم فيه تعالى أعظم من كل شيء. وموجبات التعظيم لله تعالى عدة منها:
كل ما بنا من نعم منه تعالى.
كون لله الصفات العظمى، مثل كونه تعالى الأول لا أول لوجوده؛ وكل موجود مفتقر إلى قدرته، ولولا قدرته لم يوجد موجود؛ لأن كل موجود إما أن يكون من فعله تعالى، أو من فعل عبيده. وكذلك كونه قادرا لذاته، مما يعني استغناؤه عن كل شيء، وقدرته على كل شيء.
ومن الأمور الموجبة للتعظيم، التفكر في أفعاله، ومعرفة أنه تعالى منزه، عن كل قبيح مع كمال القدرة على كل شيء.
وهذه كلها موجبات لتعظيمه تعالى، وهي كلها لا تعلم إلا بمعرفته تعالى.
إشكال على علاقة معرفة الله تعالى بعبادته
فلو قيل: إن هناك الكثير من الناس من يعرف الله تعالى ولكنه لا يعبده كما ينبغي؟ فما كان دور المعرفة هنا؟
نقول: إن المعرفة الحقيقية هي شرط في حصول العبادة، ولكن هناك شرطا آخرا قد أشرنا إليه، وهو الالتفات من العبد إلى هذه المعرفة. فالمعرفة على عظم قدرها تحتاج إلى إرادة من العبد لينتفع بها، وإلا كانت وبالا عليه، وحجة يوم القيامة.
صفحة ٢٢