التوكل
ويتلق بقضية الكسب موضوع التوكل على الله في ما يرزقه. فالذي يشيع أن التوكل هو أن أجعل الله الوكيل في تحصيل الرزق عني، فبدل من أن أسعى أنا يسعى عني الله الذي قد وكلته. وقد يكون بمعنى أن الله وكيلي في الرزق ولكن علي السعي، بغير أن يكون للسعي أي دور في الحصول على الرزق. إنما الذي يحصل لي الرزق هو الله تعالى. وهذا المعنى خاطئ وإن كان لا يصرح به هكذا، ولكن هذا لبه عند التحقيق لدى العامة.
ولكن المعنى الصحيح للتوكل على الله تعالى هو أن يكون الله وكيلي في الحصول على الرزق، بمعنى أني لا أحصل على الرزق إلا من خلال الطرق التي يرضاها الله تعالى، فهذا هو التوكل حق التوكل. أن أكون واثقا بأن الله تعالى ما حرم علي شيئا إلا وقد جعل في حلاله غناي وكفايتي. وأكون واثقا بأنه تعالى ما خلق خلقا من خلقه، إلا وقد خلق له في أرضه الواسعة من الخيرات ما يكفيه وزيادة.
أيضا يكون التوكل بمعنى أن يلجأ العبد إلى معونة الله تعالى في الحصول على المباح من نعمه. ذلك أن الانسان مهما بلغ من الذكاء، لا يمكنه الإحاطة بكل شيء، والله تعالى عالم بخفايا الأمور، ومواضع النفع والضرر؛ فالتوكل عليه بهذا المعنى يكون بأن نطلب منه التيسير، وخلق الخواطر المفيدة التي ترشدنا إلى ما خير لنا. وهذا المعنى الآخير من التوكل هو عام في الرزق وفي غيره نحو الهداية، وطلب العلم ومثلها.
صفحة ١٠٧