وكثيرا ما ينعون تلك الفضائل مع الميت؛ فكأنها ذهبت بذهابه، فليس بعده من يجيب إلى الندى كما قال كعب بن سعد، ولا من يحمي النساء والأموال ويغيث الملهوف، فقد دفنت المكارم بدفنه، وغيبت الأخلاق الطيبة في ثراه. قالت الخنساء:
يا صخر ماذا يواري القبر من كرم
ومن خلائق عفات مطاهير؟!
وربما سلكوا سبيلا آخر، وهو أن يأتي الشاعر بكأن، فيقول: كأن فلانا لم يركب جوادا، ولم يوقد نارا، ولم يطعم جائعا ... إلى ما هنالك من المآثر الحميدة ليظهر أنها مضت معه وأصبحت خبرا من الأخبار. قال كعب بن سعد:
كأن أبا المغوار لم يوف مرقبا
إذا ربأ القوم الغزاة رقيب
28
ولم يدع فتيانا كراما لميسر
إذا اشتد من ريح الشتاء هبوب
29
صفحة غير معروفة