وقد لاقى الهزبر أخاك بشرا
وهذه الأبيات من النمط العالي الذي لم يأت أحد بمثله. وكل الشعراء لم تسم قرائحهم إلى استخراج معنى ليس بمذكور فيها.» ا.ه. وقال في مكان آخر: «ولفطانة أبي الطيب لم يقع فيما وقع فيه البحتري من الانسحاب على ذيل بشر لأنه قصر عنه تقصيرا كثيرا.» ا.ه.
فابن الأثير يزعم أن البحتري قد تعلق في بائيته التي وصف بها الأسد بمعاني بشر بن عوانة، توهما منه أن بشرا شاعر جاهلي قديم. ولعله استكثر قصيدة الأسد على بديع الزمان، وهو من طبيعته لا ينظر إلى حسنات غيره إلا في شيء من الصلف والتعنت، وخصوصا إذا كانوا من أهل زمانه، فضن بها أن لا تكون لشاعر في الجاهلية، فأثبت بشرا غير متحرج، وتعامى عن حقيقة فن المقامات، فجاء بعده من تعلق بأذياله، وأدخل بشرا في صلب التاريخ.
ولم يقل أحد قبل صاحب المثل السائر أن البحتري سرق عن غيره في قصيدته التي ذكر بها الأسد، مع أن الآمدي في موازنته بين الطائيين أورد كل ما أدرك من السرقات على البحتري، وما كان له أن يغفل عن قصيدة بشر لو كان بشر معروفا عنده؛ لأن فيها أبياتا لها أشباه في قصيدة البحتري، مثال ذلك قول بشر:
إذن لرأيت ليثا رام ليثا
هزبرا أغلبا لاقى هزبرا
وقد قال البحتري:
هزبرا مشى يبغي هزبرا، وأغلبا
من القوم يغشى باسل الوجه أغلبا
20
صفحة غير معروفة