وقد ثبت في ((الصحيح)): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)).
ومقتضى هذا: أن من أدرك إسنادا عاليا في الصغر رجي عند الشيخوخة والكبر أن يكون من قرن أفضل من القرن الذي هو فيه، ومن القرن الذي يأتي بعده ويليه، كما أن الرواية عن الصحابي أعلى وأجمل من الرواية عن التابعين؛ لرؤيته النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذا الرواية عن التابعين أولى وأجمل من الرواية عن تابع التابعي؛ لرؤيته الصحابي. وعلى هذا فليقس من باقي القرون إلى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد ورد في طلب العلو سنة صحيحة ثابتة في ((صحيح البخاري)) تعليقا و((مسلم)) -رحمهما الله- من حديث أنس رضي الله عنه قال:
((كنا قد نهينا في القرآن أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية فيسأله ونحن نسمع، وكانوا أجرا على ذلك منا. فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد أتان رسولك فزعم: أنك تزعم أن الله أرسلك؟ قال: صدق. قال: فمن خلق السماء؟ قال: الله. قال: فمن خلق الأرض؟ قال: الله. قال: فمن نصب هذه الجبال؟ قال: الله. قال: فالبذي خلق السماء، وخلق الأرض، ونصب فيها الجبال، وجعل فيها المنافع، آلله أرسلك؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك: أن علينا صلوات في يومنا وليلتنا؟ قال: صدق .. .. )) الحديث بطوله.
فهذا الدليل على طلب المرء العلو من الإسناد والرحلة فيه؛ فإن الرجل المذكور في الحديث من أهل البادية -هو ضمام بن ثعلبة- لما جاءه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما فرض عليهم لم يقنعه ذلك حتى
صفحة ١٨