تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر
محقق
علي الشنوفي (أستاذ مُبرِّز)
الناشر
المعهد الثقافي الفرنسي - دمشق
مكان النشر
سوريا
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
الأطباء في قطع العروق وما أشبه ذلك ألا يقدم أحد على عمله إلا بإذنه فإني لا أزال أسمع بطبيب عالج رجلا فقطع أو صنع به شيئا (فأعنته) فمات منه ثم إني أتى على يدي ولم أره يجعل على الذي عرف بالعلاج فيعالج بما يعرف شيئا ولكنه يستحب أن ينهوا عن الأشياء التي فيها هلاك الناس إلا بإذن الإمام قال عيسى غر من نفسه أو لم يغر ذلك خطأ وديته على عاقلته.
قال ابن رشد رحه تحصيل القول في هذه المسألة أن الطبيب إذا عالج الرجل فسقاه فمات من سقيه أو كواه فمات من كيه أو قطع مه شيئا فمات من قطعه أو الحجام إذا ختن الصبي فمات من ذلك أو قلع ضرس الرجل فمات من ذلك فلا ضمان على واحد منهما في ماله ولا على عاقلته إذا لم يخطئا في فعلهما إلا أن يكون قد تقدم السلطان إلى الأطباء والحجامين ألا يقدموا على شيء مما فيه غرر إلا بإذنه فعلوا ذلك بغير إذنه فأتى على أيديهم فيه بموت أو ذهاب حاسة أو عضو فيكون عليهم الضمان في أموالهم.
هذا ظاهر ما في رسم العقود من سماع وقال ابن دحون إن ذلك يكون على العاقلة إلا فيما دون الثلث وذلك خلاف الرواية المذكورة.
خطأ الطبيب
وأما إذا أخطئوا في فعلهم مثل أن يسقي الطبيب المريض ما لا يوافق فيموت من ذلك أو تزل يد الخاتن فيتجاوز في القطع أو يد الكاوي فيتجاوز في الكي أو يكون مما لا يوافقه الكي فيموت منه أو يقلع الحجام غير الضرس التي أمر بها وما أشبه ذلك فإن كان من أهل المعرفة ولم يغر من نفسه فذلك خطأ يكون على العاقة إلا أن يكون أقل من الثلث فيكون ذلك في ماله.
وأما إن كان لا يحسن وغر من نفسه فعليه العقوبة من الإمام بالضرب والسجن. واختلف في الدية فقيل: إنها تكون عليه في ماله ولا يكون على العاقلة من ذلك شيء وهو ظاهر قول مالك في هذه الرواية وقيل إن ذلك خطأ يكون على العاقلة إلا أن يكون أقل من الثلث فيكون في ماله وهو قول عيسى بن دينار هاهنا. وظاهر رواية أصبغ عن ابن القاسم في كتاب الديات لأنه قال في الطبيب يسقى النصراني أو المسلم الدواء فيموت منه إنه لا شيء عليه إلا أن يعلم أنه أراد قتله لأن تأويل ذلك أن الدية على العاقلة مثل قول عيسى والكفارة تابعة للدية حيثما لزمت الدية العاقلة لكون القتل خطأ أو في المال لما فيه من شبه العمد
1 / 87