تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر
محقق
علي الشنوفي (أستاذ مُبرِّز)
الناشر
المعهد الثقافي الفرنسي - دمشق
مكان النشر
سوريا
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
افتيات الأطباء
ومن معنى افتيات الأطباء ما ذكر في "تنبيه الحكام" عن الصرف للمعروفين بالغرباء وقد شاهدناهم في كثير من الأمصار والأقطار. وقال وهي عندهم صناعة معلومة لها مراتب من الحيل والتحيل والمدكات وإيهام العقول تنقسم على وجوه كثيرة من بعضها الطب وأنواع العلاج وبيع الحروز وادعاء القيام بالسحر وأشياء من نحو ذلك كثيرة يتوصلون بها إلى أكل الأموال وارتكاب الفواحش ويبهرجون بكثير من ذلك على الخواص والعوام ويدخلون الوهم والعلل على صحاح الأجسام.
ولا حاجة بنا إلى التطويل بشرح نوازلهم وتعديد ما بلغنا من رذائلهم فيجب على كل حاكم تفقد مثل هؤلاء وقمعهم ومنع من يتعاطى علم الطب أو نحوه من الجلوس للناس حتى يحضر مع من يوثق به من الأطباء العلماء ويختبرونه بحضرته ويصح عنده أنه أهل للجلوس في ذلك الشأن فإن من اقتحم على شيء من ذلك بغير استحقاق فقتل أحدا أو أتلف له عضوا على غير منهاج الطب فهو متعد يجب ضربه وسجنه ولزوم الدية قيل في ماله وقيل على عاقلته.
هذا إذا لم يؤد نظر إلى أن يقاد منه وما أظن أحدا من الحكام القادرين على إزالة هؤلاء وصرف ضررهم عن المسلمين في سعة من دم قتيلهم أو جريحهم قلت: قوله هذا إن لم يؤد نظر إلى أن يقاد منه يعني إن تبين أنه أراد قتله بما أدخل جوفه فكان عنه الموت السريع كما قال العلماء فيمن سقى رجلا شيئا أو أطعمه طعاما فتقيأ إمعاؤه ومات من حينه إذ لا يكون القود إلا مع العمد المحض ومن زعم معرفة الطب وهو جاهل به فتكون الضرر عن علاجه غايته أن يلزم الدية لأن فعله من باب الخطأ لا من باب العمد إذ لم تظهر عنه آثار لقصد القتل العمد للعدوان وإنما قيل بالدية في ماله على أحد القولين لأن ذلك وإن يكن عمدا فهو شبه العمد.
طبيب عالج رجلا فأتى على يديه
قال في سماع ابن القاسم وسئل مالك عن طبيب عالج رجلا فأتى على يديه فيه قال إن كان الطبيب ليس له علم ووجد بينة أنه دخل في ذلك ظلما وجرأة وأنه ليس ممن يعمل مثل هذا وليست له معرفة فأرى أن يستأذن عليه وإني لا أحب للإمام أن لو تقدم إلى هؤلاء
1 / 86