تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر
محقق
علي الشنوفي (أستاذ مُبرِّز)
الناشر
المعهد الثقافي الفرنسي - دمشق
مكان النشر
سوريا
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
وقد اختلف إذا لم يقدر على استصرافها فيما يجب عليه بعد التوبة فيما بينه وبين خالقه على ثلاثة أقوال: أحدها إنه يجب عليه أن يتصدق بجميع الثمن والثاني إنه لا يجب عليه أن يتصدق إلا بالزائد على قيمتها ولو باعها ممن لا يغش بها إن كان تزيد فيها شيئا. والثالث إنه لا يجب عليه أن يتصدق بشيء منه إلا على وجه الاستحباب مراعاة للاختلاف هـ.
حكم بيع السلاح للعدو
قلت ومثله القول فيمن باع سلاحا للعدو أو ممن يحمله إلى العدو وكذلك في حين الفتن التي تكون من المسلمين إذا خشي عليها أن تصل إليهم من مبتاعها وقد أوضح هذا الخلاف هناك وما يبنى عليه الخلاف فقال فإن باع السلاح من العدوان ممن يناوى من المسلمين ويخرج به عليهم أو ممن يحمل ذلك إليهم وهو عالم بذلك ومضى ذلك وفات ولم يعلم من باعه أو ممن لا يقدر على رده فقد اختلف فيما يلزمه بينه وبين الله في التوبة من ذلك على ثلاثة أقوال: أحدها أنه يلزمه التصدق بجميع الثمن وهذا على القول بأن البيع فيها غير منعقد وأنها باقية على ملكه لوجوب رد الثمن على هذا القول على المبتاع إن علمه والصدقة به عنه إن جهله كالدني. والثاني إنه لا يلزمه أن يتصدق إلا بالزائد على قيمته لو بيع على وجه جائز وهذا على القول بوجوب فسخ البيع في القيام وتصحيحه بالقيمة في الفوات والثالث أنه لا يجب عليه أن يتصدق بشيء منه إلا على وجه الاحتساب مراعاة للاختلاف وهذا على القول بأن البيع إن عثر عليه لم يفسخ ويباع على المبتاع.
الاحتكار لزمن مسغبة أو مخمصة
ومن أعظم ما يجب تغييره والاحتساب في القيام به إخراج الزرع المختزن بيد أربابه فاضلًا عن قوتهم زمن احتياج الناس إليه في مسغبة أو مخمصة.
قال في سماع ابن القاسم قال مالك إذا غلا الطعام واحتيج إليه وكان بالبلد طعام فأرى أن يؤمر أهله فيخرجونه إلى السوق فيباع إذا احتاج الناس إليه وإنما يكون ذلك عن حاجة الناس وليس هذا في كل زمان.
قال ابن رشد رحه هذا كما قال ومثله في كتاب ابن المواز وهو أمر لا أعلم فيه خلافا لأن هذا وشبهه مما يجب فيه الحكم للعامة على الخاصة إذ لا يصح أن يترك الناس يجوعون وفي البلد طعام عند من يريده للبيع. وما يشبه هذا من مصلحة العامة قول النبي صلعم لا
1 / 127