تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر
محقق
علي الشنوفي (أستاذ مُبرِّز)
الناشر
المعهد الثقافي الفرنسي - دمشق
مكان النشر
سوريا
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
تنبيه: لا يجوز أن يباع لأحد من المسلمين ما كان الغش فيه قائما مما لا وجه له إلا الغش بخلاف ما كان فيه منفعة غير ذلك قال في سماع عيسى وسئل ابن القاسم عن بيع أشياء يغش بها المسلمون قال ما كان من ذلك ليس له وجه إلا الغش فلا أحب لأحد أن يبيعه وما كان من ذلك فيه منفعة فمن أراد أن يغش به أحدًا فعلًا فلا بأس أن يبيعه ممن لا يدري ما يصنع به فإذا علم أنه يريد به الغش فلا يبيعه منه.
الغش في الدراهم والدنانير
قال الشيخ ابن رشد رحه هذا كما قال إن ما كان لا منفعة فيه إلا الغش به فلا يجوز بيعه على حال وذلك بخلاف الدرهم المغشوش بالنحاس لأنه يمكن أن تجعل فضته على حدة فيجوز أن يبيعه ممن يكسوه ويكره أن يبيعه ممن لا يأمن أن يغش به ويختلف هل يجوز أن يبيعه ممن لا يدري ما يصنع به فأجاز ذلك ابن وهب وجماعة من السلف ولم يجزه ابن القاسم. قلت ولم يذكر ابن رشد هنا صورة بيعه ممن يعلم أنه يغش وقد تقدم له أن ذلك لا يجوز في مسألة خلط الردي بالطيب وقال هنا في الرواية فإذا علم أنه يريد به الغش فلا يبيعه منه ولم يذكر هنا أيضًا ما يفعل إذا باعه ممن يعلم أنه يغش به ولم يقدر على استرجاعه.
وقد حصل القول على ذلك في محل آخر فقال وتحصيل القول في ذلك أن الدراهم والدنانير المغشوشة بالنحاس لا يحل لأحد أن يغش بها فيعطيها على أنها طيبة ولا أن يبيعها ممن يعلم أنه يغش بها ويكره له أن يبيعها ممن لا يأمن أن يغش بها مثل الصيارفة وغيرهم من أشباههم واختلف هل يجوز له أن يبيعها ممن لا يدري ما يصنع بها فأجاز ذلك ابن وهب وروى إجازة ذلك عن جماعة من السلف رضهم وعن عمر بن الخطاب رضه أنه قال: الفضة بالفضة وزنا بوزن والذهب بالذهب وزنا بوزن وأيما رجل ردت عليه ورقة فلا يخرج يحالف الناس على أنها طيور ولكن ليقل من يبيعني بهذه الزيوف سحق ثوب رثيثا. وكرهه ابن القاسم ورواه عن مالك في المدونة وإنما أجاز ابن وهب أن يباع ممن لا يدري ما يصنع بها ما كان فيه منفعة ويمكن الغش به لمن أراد ذلك ويجوز أن تباع باتفاق ممن يهزها أو ممن يعلم أنه لا يغش بها إلا على قياس قول سحنون في نوازله من كتاب السلم فإن باعها ممن يخشى أن يغش بها لم يكن عليه إلا الاستغفار وإن باعها ممن يعلم أنه يغش بها فواجب عليه أن يستصرفها منه إن قدر على ذلك.
1 / 126