============================================================
قال الله تبارك وتعالى : (وأنه أهلك عادا الأولى}(23) وأخفى الله المدينة الاعن أعين الناس، فيرون بالليل في تلك المدينة التي بنيت فيها إرم بمعادن الذهب واليواقيت التي للمدينة تضيء كالمصابيح، فإذا وصلوا إليها لم يجدوا هماك شيئا، ورأوا ذلك الضوء في مكان آخر، وقد دخلها رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يقال له عبد الله بن قلابة (29) الأنصاري خرج في طلب إبل له ضلت، فمازال يقتص آثارها حتى وصل الى جبل عدن فظهر له الاسور ارم ذات العماد فلما نظر إلى سورها يلمع ذهبا أحمر مرصعا بأنواع اليواقيت، ورأى تلك المنائر حولها معمولة بالذهب، مزينة بالجواهر، فعظمت المدينة في عينه، فلم ير أولا ولا آخرا دهش وبهت، وكلما قرب منها زاد تعجبه فاقال في نفسه : هذه تشبه الجنة التي وعد الله بها عباده المتقين في الآخرة، فقصد بابا من أبوابها، فلما وصل إليه أناخ ناقته ودخل الباب، فرآى تلك القصور والأنهار والأشجار، ولم ير في المدينة أحدا تعجب وقال : أرجع إلى معاوية وأعلمه بهذه المدينة ليأتي إليها ويسكنها، وأخذ معه من حصباء المدينة جواهر ويواقيت وزبرجدا وجعله في وعاء كان معه على راحلته، وعلم على المدينة علامة وقال : قربها من جبل غدن كذا وكذا، ثم انصرف بعدما ظهر بابله حتى دخل دمشق، فاستأذن على معاوية، فسلم عليه، فسأله معاوية من اين قدم، فقال، جئتك من مدينة من ذهب لا يدري أولها ولا آخرها لعظمها.
ها قصور من ذهب عليها غرف من ذهب مزينة بأنواع اللآلىء، تشبه الجنة التي وعدها الله عزوجل عباده في القرآن.
فقال معاوية، أرأيت هذه المدينة في النوم ؟ قال، بل رأيتها في اليقظة، اوقد أخذت من حصبائها، فأخرج إليه أنواعا من الجواهر واليواقيت ما لم يشاهد (ا) مثله، ووجد بين تلك الجواهر، مثل بعر الإبل، من العنبر معجونا بالمسك (1) كذا في الأصل وفي (و و(ام) في بقية النسخ لم يرقط .
(73) النجم، الآية 51.
(29) انظر عن عبد الله بن قلابة داثرة المعارف الاسلامية (559/2).
صفحة ٥٧