ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
إلا أن توجهوا إلى الرسول ﷺ وقالوا: يا رسول الله هل من شيء نقوله؟ فقد بلغت القلوب الحناجر، فقال: نعم. اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا». وجاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن أبي أوفى ﵁ قال: دعا رسول الله ﷺ على الأحزاب فقال: «اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم» (١).
فاستجاب الله سبحانه دعاء نبيه ﷺ، فأقبلت بشائر الفرج فقد صرفهم الله بحوله وقوته، وزلزل أبدانهم وقلوبهم، وشتت جمعهم بالخلاف، ثم أرسل عليهم الريح الباردة الشديدة، وألقى الرعب في قلوبهم، وأنزل جنودًا من عنده سبحانه، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾ (٢).
قال القرطبي ﵀: «وكانت هذه الريح معجزة للنبي ﷺ؛ لأن النبي ﷺ والمسلمين كانوا قريبًا منهم، ولم يكن بينهم إلا عرض الخندق، وكانوا في عافية منها ولا خبر عندهم بها ... وبعث الله عليهم الملائكة فقلعت الأوتاد وقطعت أطناب الفساطيط (٣). وأطفأت النيران، وأكفأت القدور، وجالت الخيول بعضها في بعض، وأرسل عليهم الرعب، وكثر تكبير الملائكة في جوانب المعسكر حتى كان سيد كل خباء يقول: يا بني فلان هلم إليَّ فإذا اجتمعوا قال لهم: النجاء النجاء، لما بعث الله عليهم الرعب» (٤).
وحرص الرسول ﷺ أن يؤكد لصحبه ثم للمسلمين في الأرض، أن هذه
(١) أخرجه البخاري، كتاب: الجهاد والسير، باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، رقم ٢٧٧٥، وأخرجه مسلم في الجهاد والسير باب كراهة تمني لقاء العدو وباب استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو رقم ١٧٢٤.
(٢) سورة الأحزاب، الآية: ٩.
(٣) الفساطيط: جمع فسطاط نوع من الأبنية في السفر وهو دون السرادق.
(٤) الجامع لأحكام القرآن، أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، تحقيق: أحمد البردوني، وإبراهيم أطفيش.
1 / 129