والربيع تتحرك فيه الأخلاط المحتبسة شتاء يسيل إلى الأعضاء الضعيفة فيحدث فيه الجراحات وأورام الحلق ويتحرك فيه كل مرض [ذو مادة] كانت مادته ساكنة شتاء وذلك لا لردائته بل لحره اللطيف، فإنه أصح الفصول وأنسبها للحياة والصحة.
وأما غير طبيعية ولا مضارة لها وذلك من أسباب، إما سماوية كحصول برد إما أرضية كما تكون بسبب اختلاف المساكن، وإما لبعدها عن الاستواء الذي في غاية الاعتدال أو لمجاورتها الجبال أو لوضعها أو لتربتها.
والإقليم الثاني والثالث مفرط الحرارة, والسادس والسابع مفرط البرودة فلذلك قرب الرابع من الاعتدال ومجاورة البحر ترطب [الهواء] والبلد البحري يعتل برده وحره لعصيان هوائه على المؤثر.
والجبل الشمالي مسخن ريح الشمالي الباردة اليابسة وحبسه ريح الحارة الرطبة ولعكسه شعاع الشمس على البلد, والجنوبي بالعكس, والمغربي خير من المشرقي بستر المشرقي الشمس مدة, فينتقل أهل البلد عن برد الليل إلى شمس قوية دفعة ولمنعة ريح المشرق وهي خير من الغربية, وإن قاربتا الاعتدال لهبوب المشرقية أول النهار مصاحبة لحركة الشمس وهبوب المغربية آخر النهار ومضارة لحركتها.
والبلد المرتفع أبرد وأصح, والمستوى الواضح أصح.
والتربة الكبريتية تجفف وتسخن والتربة الجبلية تصلب الأبدان, والهواء البارد يشدد البدن ويقويه ويجوده الهضم ويحسن اللون.
صفحة ٥٣