وفى داخل العنق يوجد المرىء، وهو ضيق مستطيل. والوريد موضوع فى مقدم العنق، وخلفه المرىء فى الناحية [٢٢] التى تلى القفا. فهذا وضعهما فى جميع الحيوان الذى له مرىء ووريد، أعنى قصبة الرئة. وإنما يكون هذا الوريد فى جميع الحيوان الذى له رئة. وخلقة الوريد من غضروف. وهو قليل الدم، تحيط به عروق دقاق جدا. ووضعه من الناحية العليا بعد الفم قبالة ثقب المنخر، وهو الثقب الآخذ إلى الفم. ولذلك ربما شرب الإنسان فخرج بعض تلك الرطوبة من المنخر، لحال الفتح الذى فيما بين الأنف والفم. وفيما بين الثقبين العضو الذى على أصل اللسان، وهو شبيه بغطاء يغطى قصبة الرئة لكيلا يقع فيها شىء من الطعام أو الشراب. وأما الناحية السفلى من القصبة فإنها تفترق بفرقين شبيهين بأنبوبتين، ويأخذان إلى جوانب الرئة، فإن الرئة تنشق أيضا بجزئين. وهى على مثل هذه الحال فى جميع الحيوان الذى له رئة. ولكن ليس ذلك الافتراق بينا جدا فى الحيوان الذى يلد حيوانا مثله، وخاصة فى الناس، فإن رئة الإنسان ليست كثيرة الافتراق، مثل افتراق رئات بعض الحيوان الذى يلد حيوانا مثله، ولا هى ملساء، بل فيها اختلاف. فأما فى الحيوان الذى يبيض بيضا، مثل جنس جميع الطائر وما كان من الحيوان ذا أربعة أرجل يبيض بيضا، فإن الرئة توجد فيه كثيرة الافتراق. ولذلك يظن كل من يعاينها من الجهال خلقتها أنهما رئتان. فأجزاء قصبة الرئة تفترق، وتنتهى إلى العرقين اللذين ذكرنا أنهما فى الرئة: كل واحد من الجزئين إلى عرق واحد.
صفحة ٤٤