فإن قال قائل إنا قد نرى أجراما كثيرة فاعلة، قلنا إن لكل فاعل قوة يفعل بها؛ فإن ألفى جرم فاعل فليس يفعل بأنه جرم لكن بالقوة التى فيه. وذلك أن كل جرم لا كيفية له ولا قوة بأنه جرم، وإنما كانت القوة فيه باستفادته؛ فإذا ما فعل فإنما يفعل بالقوة التى استفادها. وعلى هذه الصفة تكون الأشياء التى لا جرم لها، أقول إنها تستفيد الانفعال من قبل طبيعة الأجرام التى هى فيها وتقبل التجزئة وإن كانت فى جواهرها لا تتجزأ ولا تقبل الانفعال والآثار.
فقد صح الآن أن الأجرام لا تفعل شيئا إلا بالقوة التى فيها 〈من〉 التى ليست بأجرام وأنها إنما تنفعل وتقبل الآثار فقط، فأن الأشياء التى ليست بأجرام إنما تقبل الانفعال والتجزئة للأجرام التى 〈هى〉 فيها وإنما من شأنها الفعل والتأث[ير فقط].
صفحة ٣٢