الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مكتبة ابن تيمية
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
الكتاب والسنة منهجًا
للتشريع ميادين كثيرة منها العبادات، والمعاملات، والسياسة وأمور المعاش والحياة، وباب الاجتهاد مفتوح فيها جميعًا إلا العبادات فليس فيها اجتهاد، فكل ما يتقرب به إلى الله ﵎ من أعمال يجب الوقوف فيها عند الحد المشروع، ولم يسمح الرسول ﷺ لأحد أن يزيد على ما قال فيها، أو أن يبدل شيئًا منها. وهاك بعض الأدلة التي تثبت هذا الأصل من أصول الإيمان:
أـ رأى رسول الله ﷺ رجلًا يمشي في الحج بين رجلين يسندانه فقال ﷺ: (ما هذا؟) فقالوا: يا رسول الله نذر أن يحج ماشيًا. فقال ﷺ: [إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني! ! مروه فليركب] (رواه بنحوه البخاري (٤/٤٥٠ و٤٥١ - فتح) ومسلم (١١/١٠٢ و١٠٣) وغيرهما عن أنس) فنهى ﷺ عن فعل لم يشرعه الله ﷿ وإن كان فاعله قاصدًا به التعبد والتقرب إلى الله ﷿.
ب - ورأى رسول الله ﷺ رجلًا آخر يجلس في الشمس فسأل عنه، فقالوا: يا رسول الله نذر أن يصوم، ولا يتكلم ويجلس في الشمس فقال صلوات وسلامه عليه: [ليتم صومه، وليتكلم وليجلس في الظل] (رواه بنحوه البخاري (١٢/٤٠١ و٤١٢) وأبو داود (٣٣٠٠) وغيرهما عن ابن عباس) فأقره رسول الله ﷺ على الصوم الشرعي فقط، ونهاه عن الصوم المبتدع وهو السكوت. وإن كان مشروعًا في شريعة سابقة كما في قصة زكريا وقول مريم ﵉: ﴿إني نذرت للرحمن صومًا فلن أكلم اليوم إنسيًا﴾ [مريم: ٢٦]، ولكن الله ﷿ لم يتعبدنا بهذه الشريعة وأمره بأن يتحول إلى الظل، لأن الجلوس في الشمس مع وجود الظل تكلف سخيف، وخروج عن
1 / 25