وعلى أية حال: فإنهم يحبذون من الكلمات: "ما ارتفع عن الساقط السوقي، وانحط عن البدوي الوحشي" (١).
أي أنهم مع نفورهم من الوحشي من الكلمات، فإنهم - أيضًا - ينفرون من السقوط بها إلى درجة الابتدال ولهذا عدل في التنزيل إلى قوله تعالى: ﴿فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ (٢)﴾، لسخافة لفظ الطوب وما رادفه.
ولاستثقال جمع الأرض لم تجمع في القرآن الكريم، وجمعت السماء، وحيث أريد جمعها قال تعالى: ﴿ومِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ (٣).
وقد عابوا على أبي نواس كلمة الشطار "لابتذالها"، حيث قال:
وملحة بالعذل تحسب أنني ... بالجهل أترك صحبة الشطار
وقد قسم حازم - في المنهاج - الابتذالي والغرابة، فقال ما ملخصه:
الكلمة على أقسام:
الأول: ما استعملته العرب دون المحدثين، وكان استعمال العرب له كثيرًا في الأشعار وغيرها، فهذا حسن فصيح.
الثاني: ما استعملته العرب قليلًا ولم يحسن تأليفه ولا صيغته فهذا لا يحسن إيراده.
الثالث: ما استعمله العرب وخاصة المحدثين دون عامتهم، فهذا حسن جدًا، لأنه خلص من حوشية العرب وابتذال العامة.