مواقف النبي ﷺ في الدعوة إلى الله تعالى
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
النبي ﷺ أحكم خلق اللَّه، فمواقفه وتصرفاته كلها مواقف حكمة مشرفة، ومن وقف على أخلاقه ورفقه وعفوه وحلمه، ازداد يقينه وإيمانه بذلك.
وهذا الأعرابي قد عمل أعمالًا تثير الغضب، وتسبب عقوبته وتأديبه من الحاضرين؛ ولذلك قام الصحابة إليه، واستنكروا أمره، وزجروه، فنهاهم النبي ﷺ أن يقطعوا عليه بوله.
وهذا في غاية الرفق والحلم والرحمة، ويجمع ذلك كله الحكمة، فقد أنكر النبي ﷺ بالحكمة على هذا الأعرابي عمله، فقال له حينما قال: "اللَّهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا": «لقد تحجرت واسعًا»، يريد ﷺ رحمة اللَّه، فإن رحمة اللَّه قد وسعت كل شيء، قال ﷿: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ (١)، فقد بخل هذا الأعرابي برحمة اللَّه على خلقه.
وقد أثنى اللَّه ﷿ على من فعل خلاف ذلك حيث قال: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ﴾ (٢).
وهذا الأعرابي قد دعا بخلاف ذلك، فأنكر عليه النبي ﷺ
_________
(١) سورة الأعراف، الآية: ١٥٦.
(٢) سورة الحشر، الآية: ١٠.
1 / 70