السنة النبوية وحي - آيت سعيد
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
ووجه الدلالة من الحديث أن العباس لما بين للنبي مصلحة الإذخر استثناه، فلو كان وحيا ما تأخر استثناؤه، ولساقه مع ما قبله مساقا واحدا، فلما استثناه بعدَ ما روجع فيه، دل ذلك على اجتهاده فيه لمصلحته الراجحة.
قال الحافظ:" واختلفوا هل كان قوله ﷺ: " إلا الإذخر" باجتهاد أو وحي؟ وقيل: كان الله فوض له الحكم في هذه المسألة مطلقا. وقيل: أُوحي إليه قبل ذلك أنه إن طَلب أحد استثناء شيء من ذلك فأجب سؤاله.
وقال الطبري: " ساغ للعباس أن يستثني الإذخر، لأنه احتمل عنده أن يكون المراد بتحريم مكة تحريمَ القتال دون ما ذكر من تحريم الاختلاء، فإنه من تحريم الرسول باجتهاده، فساغ له أن يسأله استثناء الإذخر ". وهذا مبني على أن الرسول كان له أن يجتهد في الأحكام، وليس ما قاله بلازم، بل في تقريره ﷺ للعباس على ذلك، دليل على جواز تخصيص العام......
قال ابن المنير: " والحق أن سؤال العباس، كان على معنى الضراعة، وترخيصَ النبي ﷺ كان تبليغًا عن الله، إما بطريق الإلهام أو بطريق الوحي، ومن ادعى أن نزول الوحي يحتاج إلى أمَدٍ متسع فقد وهم " (١) .
(٤) حديث أم سلمة قالت: جاء رجلان يختصمان إلى رسول الله ﷺ في مواريث بينهما قد درست، ليس بينهما بينة، فقال رسول الله ﷺ: " إني إنما أقضي بينكما برأيي فيما لم ينزل علي
_________
(١) الفتح - ٤/٥٩/٦٠.
1 / 37