السنة النبوية وحي - آيت سعيد
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
وفيه أنه ربما أداه اجتهاده إلى أمر فيحكم به، ويكون في الباطن بخلاف ذلك، لكن مثل ذلك لو وقع، لم يقَرَّ عليه ﷺ لثبوت عصمته" (١) .
(٢) حديث عمر أنه قال:" يا رسول الله، صنعتُ اليوم أمرا عظيما، قبَّلتُ وأنا صائم، فقال له رسول الله ﷺ: " أرأيتَ لو تمضمضت بماء وأنت صائم "؟ فقلت: لا بأس بذلك. فقال له رسول الله ﷺ: " فصُمْ " (٢) . ووجه الدلالة من الحديث أن النبي ﷺ شبَّه القبلة بالمضمضة في أن كلا منهما مقدِّمة للفطر ولا يفطران، فكما أن المضمضة وسيلة للشرب وليست شربا، فكذلك القبلة وسيلة للوطء وليست وطئا، والوطءُ والشرب هما المفطران لا مقدماتهما. فهذا قياس من النبي ﷺ للقبلة على المضمضة، وهو دليل على أن النبي ﷺ كان يجتهد ويقيس، فلو كان عنده نص في المسألة لما جاز له القياس، لأنه لا معنى له مع وجود النص، فثبت المطلوب.
(٣) حديث ابن عباس في خطبة النبي ﷺ يوم فتح مكة قال: "حرم الله مكة، فلم تحل لأحد قبلي ولا لأحد بعدي، أحلت لي ساعة من نهار، لا يختلَى خلاها ولا يعضد شجرها، ولا ينفَّر صيدها، ولا تُلتقط لقطتها إلا لمعرِّف " فقال العباس- ﵁ – إلا الإذخر لصاغتنا وقبورنا، فقال " إلا الإذخر " (٣) .
_________
(١) الفتح - ١٣/١٨٦.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده - ١ / ٢١ بسند صحيح.
(٣) أخرجه البخاري في الجنائز -٣/ ٢٥٣ وفي جزاء الصيد - ٤/٥٦ ومسلم في الحج - ٢/٩٨٧.
1 / 36