السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الثامنة
سنة النشر
١٤٢٧ هـ
مكان النشر
دمشق
تصانيف
النبي ﷺ، وكان بالشام وبلغه ذلك، عاد ليؤمن به، فقتل بمضيعة من أرض البلقاء «١» .
٣- ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى: ابن عم السيدة خديجة ﵂ وكان ممن كره عبادة الأوثان، وما كان عليه قريش من الضلال، فخرج هو وزيد بن عمرو بن نفيل إلى الشام يبحثان عن دين تركن إليه نفوسهما، فأما زيد فقد انتهى أمره إلى الحنيفية- كما أسلفنا- واتّبع دين إبراهيم، وأما ورقة فأعجبه دين النصرانية فتنصّر، ولعله لقي من الرهبان من بقي على دين عيسى الحق، ولم يبدل، ولم يحرف، فقد كان موحّدا، وبشر بالنبي ﷺ، وفي صحيح البخاري في حديث بدء الوحي الطويل: «وكان امرا قد تنصّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي» ولما أخبره النبي ﷺ بخبره قال: «هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني فيها حيا إذ يخرجك قومك»، فقال رسول الله ﷺ: «أو مخرجي هم؟» قال: نعم لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا»، ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي «٢» .
وقد اختلف في وفاته، فذهب الكثيرون إلى أنه مات قبل أن يؤمر النبي بالإنذار على ما في الصحيح، وقيل عاش حتى شهد المبعث، وأنه كان يمر على بلال وهو يعذب على رمضاء مكة ويقول: «أحد. أحد» فيقول ورقة: «أحد.
أحد، يا بلال، والله لئن قتلتموه لأتخذنّه حنانا «٣»» .
وأيّا ما كان فقد مات على التصديق بالنبي والإيمان به، روى البيهقي في الدلائل وأبو نعيم أنه لما توفي قال ﷺ: «لقد رأيت القسّ «٤» في الجنة عليه
(١) فتح الباري، ج ٨ ص ١٤٢- ١٤٤؛ سيرة ابن هشام، ج ١ ص ٢٢٤- ٢٣٢. (٢) صحيح البخاري- باب كيف كان بدء الوحي. (٣) بركة أتبرك به. (٤) القس- بفتح القاف وتشديد السين- والقسّيس- بكسر القاف وتشديد السين-: رئيس النصارى في العلم والدين.
1 / 84