السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الأولى ١٤٢٤هـ
سنة النشر
٢٠٠٣م
تصانيف
المؤمن، وهذا غير صحيح، فوجب بمجموع هاتين المقدمتين أن يكون آباء النبي -وهم أفضل الخلق في زمانهم على التوحيد- أصل التفضيل وأساسه؛ لأن القول بغير ذلك يؤدي إلى أحد أمرين لا يسلم بهما أو بأحدهما عاقل:
الأمر الأول: أفضلية المشرك على المسلم، وهذا أمر غير صحيح، وغير مسلم، ولم يقل به أحد من العقلاء.
الأمر الثاني: أن يكون هناك مَن هم أفضل من آباء النبي ﷺ، وهذا معارض بما ثبت في المقدمة الأولى التي سبق ذكر أدلتها.
يقول الإمام السيوطي: "يجب أن يكون آباء النبي موحدين، لا شرك فيهم ليكونوا من خير أهل الأرض، كل في قرنه"١.
وفي الدراسة السابقة عن المقدمة الأولى أوضحت أن آباء النبي هم خيار الخلق من لدن آدم ﵇ إلى محمد ﷺ، وبذلك ثبتت المقدمة الأولى.
وإثبات المقدمة الثانية بعد ذلك أمر مسلم؛ لأن الناس كانوا على الإسلام منذ آدم إلى نوح ﵇، يقول الله تعالى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ ٢ وفي الآية بيان أن الناس جميعا بعد آدم ﵇ كانوا على دين واحد هو الإسلام.
فعن أبي أمامة ﵃ أن رجلا قال: يا رسول الله، أنبي كان آدم؟
قال ﷺ: "نعم نبي مكلم".
فقال الرجل: فكم كان بينه وبين نوح ﵇؟
قال ﷺ: "عشرة قرون" ٣.
١ الحاوي للفتاوى ج٢ ص٣٦٨. ٢ سورة البقرة آية ٢١٣. ٣ فتح الباري شرح صحيح البخاري ج٦ ص٣٧٢.
1 / 134