الضرورة الشعرية ومفهومها لدى النحويين دراسة على ألفية بن مالك
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة الثالثة والثلاثون
سنة النشر
العدد الحادي عشر بعد المائة - ١٤٢١هـ/٢٠٠١م
تصانيف
يريد: المنازل١. فرخَّمه في غير النداء بحذف حرفين منه هما الزاي واللام.
وكقول العجاج:
واطنًا مكةَ من وُرْقِ الحمَي ٢
يريد: الحمام.
فلا يحسن بالشعراء الأخذ بمثال هذه الضرورات لقبحها، حتى وإن ارتكزت على شواهد معتبرة؛ لأن بتر اللفظ على هذا النحو يمسخ صورته المألوفة. كما أن الأخذ بمثل هذه الضرائر يفضي إلى اختلاط الصيغ وعدم وضوح القصد، وابتعاد الذهن عن الوصول إلى اللفظ بحدوده المعروفة.
فالأولى اقتصار الشاعر على الأخذ بالحسن من الضرورات، وهي التي يكون فيها الحذف أو الزيادة، أو التغيير الذي يطرأ ضمن القياس المعروفة نظائره، والذي يهدي فيه التركيب إلى المراد بسهولة لكثرة شواهده وأمثلته٣.
ثم إنه لا يجوز للشاعر أن يلحن لتسوية قافية ولا لإقامة وزن بأن يرفع منصوبًا أو ينصب مخفوضًا، أو يحرك مجزومًا، ويسكن معربًا. وليس له أن يُخرج شيئًا عن لفظه إلا أن يكون يخرجه إلى أصل قد كان له فيرده إليه؛ لأنه كان حقيقته، ومتى وجد هذا في شعر كان خطأً ولحنًا ولم يدخل في ضرورة الشعر٤.
_________
١ انظر: الاقتراح للسيوطي ٢١، ٤٢.
٢ البيت من "الرجز". القواطن: جمع قاطنة وهي المقيمة، من قطن المكان يقطنه إذا أقام فيه.
و"الوُرْق": جمع ورقاء، وأراد الحمام الأبيض الذي يضرب لونه إلى السواد.
و"الحمي" - بفتح الحاء وكسر الميم - يريد: الحمام فغيّرها إلى الحمي، فاقتطع بعض الكلمة للضرورة، وأبقى بعضها لدلالة المبقّى على المحذوف منها:
والرجز في: الديوان ٢٩٥، الكتاب ١/٨، ٦٥، ما ينصرف وما لا ينصرف ٥١،الخصائص ٣/٢٣٥، شرح المفصل ٦/٧٥، التصريح ٢/١٨٩، الدرر ٣/٤٩.
٣ انظر: في الضرورات الشعرية ٦، ٧.
٤ انظر: الأصول ٣/٤٣٦، ما يحتمل الشعر من الضرورة ٣٤.
1 / 415